تعيين الزوجين عند النكاح

0 1151

السؤال

أنا مسلم من بلاد المغرب وقد استمعت إلى محاضرات حول النكاح لمشايخ كبار كالشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وهذا قبل عقد زواجي فكنت ولازلت حريصا على تطبيق السنة، إن شاء الله، لكن قدر الله وما شاء فعل، فقد بدأت أشعر بغم عظيم جدا، مباشرة بعد عقد زواجي، فقد بدأت أشك هل قال الولي لفظ الإيجاب تاما أم لا، خصوصا بعد أن تذكرت أن تعيين الزوجين شرط لصحة النكاح، ومازال هذا المشكل مستمرا معي بعد أكثر من سنة من الزواج، فأخشى أن أكون مرتكبا لمحذور والعياذ بالله، فاقرؤوا قصتي وأفتوني وانصحوني، أثابكم الله وأسكنكم الفردوس الأعلى من الجنة، لعل الله يأتي بفرج من عنده من خلال جهودكم وفتواكم بعد الاتفاق على الزواج ومن حرصي على تطبيق السنة، كنت قد لقنت لفظ الإيجاب للولي بأن يقول لي زوجتك ابنتي فلانة باسمها، لقنته ذلك قبل عقد النكاح بيوم أو أكثر تقريبا وفي يوم العقد جلست مع الولي والشاهدين وبعض الحضور، ثم بدأ أحد الشاهدين بالإجراءات كما جرى به العرف أو العادة عندنا في بلاد المغرب، فقد جرى العرف بأن عقد الزواج يكون بحضور شاهدين مصرحين من الحكومة يسمون بالعدول، فيكون مجلس العقد على الصورة التالية التي حدثت معي تقريبا، يجتمع الشاهدان مع الزوج والولي بنية عقد النكاح، فيعين الزوجين ببطاقتيهما الوطنيتين ثم يأخذ أحد الشاهدين البطاقتين الوطنيتين، فيكتب أسماء الزوجين وأسماء والديهما مع أرقام البطاقتين على وثيقة الزواج، ثم يكتب قدر الصداق المسمى، ثم يوقع الزوج والولي على الوثيقة تعبيرا عن الرضا والقبول بالزواج، وهذا ما حصل معي تقريبا، إلا أنه ربما (لا أتذكر جيدا الآن) سأل أحد الشاهدين الولي "هل أنت موافق على هذا الزواج؟" فأجاب: "موافق"، وربما سألني كذلك فأجبت "موافق"، مباشرة بعد ذلك وفي نفس المجلس، حمدت الله وخطبت خطبة الحاجة وأنا مرتبك بعض الشيء، ثم قلت كلاما للولي أبدي فيه الرغبة من الزواج بإبنته وربما ذكرتها باسمها (فلا أتذكر جيدا الآن)، فتلفظ بالإيجاب، فقلت "قبلت" وتم هذا بسرعة، لكن بعد أن ذهب الشاهدان، بدأت أشك هل قال الولي لفظ الإيجاب تاما أم لا، خصوصا أني تذكرت أن تعيين الزوجين شرط لصحة النكاح، علما بأن الولي له بنتان، فمن الواضح أن الولي تلفظ بلفظ رضا على هذا الزواج، ولكن شككت فيما قاله بالضبط، ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، فالمرجح عندي أنه قال إحدى العبارات التالية:
أ- "زوجتك بنتي فلانة" معينة باسمها.ب- "زوجت بنتي فلانة" ـ معينة بإسمها- لكن من غير كاف المخاطبة. ج- "زوجتك بنتي" من غير ذكر اسمها.ت- "زوجت بنتي" من غير ذكر اسمها، ومن غير كاف المخاطبة. فقلت قبلت، هذا مع العلم بأنه في نفس المجلس، وقبل التلفظ بالإيجاب، وبحضور الزوج والولي والشاهدين، قد أعطى الولي بطاقة تعريف الزوجة التي تضم اسمها وصورتها إلى أحد الشاهدين، كما أعطيت هذا الشاهد بطاقتي التي تحمل اسمي وصورتي، كل ذلك بحضور الزوج (أنا) والولي والشاهدين
أ- فهل يصح عقد زواجي هذا، إذا احتجتم إلى مزيد من المعلومات لإصدار الفتوى المناسبة فالمرجو مراسلتي على البريد الإلكتروني مشكورين.
ب- حيث إني لم أتذكر أو شككت في عبارة الإيجاب بعد العقد، فهل يصح العقد إذا سأل الولي بعد العقد بمدة طويلة فقال إنه قال العبارة كاملة أي "زوجتك بنتي فلانة" باسمها، وكذلك إذا سأل أحد الشاهدين "هل تم كل شيء جيدا (بخصوص الزواج) فأجاب نعم.
ج- وهل يعتبر إعطاء بطاقتي الزوجين اللتين تحملان اسميهما وصورتيهما تعيينا كافيا للزوجين من أجل صحة الزواج، علما بأنني لا أتذكر جيدا أو شككت في أن الولي لم يتلفظ باسم الزوجة الشخصي وبكاف المخاطبة التي تعود على الزوج عندما تلفظ بالإيجاب، كما سبق ذكره، وعلما بأن للولي بنتين وأن كل هذا تم في نفس المجلس وإن تخلله بعض الحديث اليسير (دقيقة تقريبا) المتعلق بتوثيق الزواج والصداق قبل الإيجاب والقبول؟
د- وإذا كان لا يصح هذا النكاح فما الذي يجب علي أن أفعله، وإن ولد لنا ولد فما حكمه (من حيث الإرث مثلا)؟
هـ- وهل يصح عقدالزواج كتابة حيث يقوم الزوج والولي والزوجة بالإمضاء (التوقيع) على وثيقة النكاح تعبيرا عن الرضا بالزواج, بحضور الشاهدين, دون التلفظ بالإيجاب والقبول، كما يبدو أنه يحصل كثيرا عندنا في المغرب، علما بأنه قد تكتب الوثيقة الرسمية للزواج ببعض الكلمات المختصرة وبعض الفراغات وأرقام البطاقات الوطنية وأسماء الزوج والولي والزوجة, ثم يوقع الزوج والولي والزوجة الإمضاءات على الوثيقة بحضور الشاهدين الرسميين، وبعد انتهاء مجلس عقد النكاح يذهب الشاهدان الرسميان بالوثيقة لإتمام كتابة كلماتها وإجراءات توثيقها بعد مجلس العقد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن شرط صحة النكاح تعيين الزوجين، ليتمكن الشهود من الشهادة عليهما، والتعيين يحصل إما بالاسم أو بالإشارة أو بالصفة، وبكل ما يتميز به المعقود عليه والمعقود له، قال ابن قدامة في المغني: فإن كان له ابنتان أو أكثر، فقال: زوجتك ابنتي لم يصح حتى يضم إلى ذلك ما تتميز به، من اسم أو صفة، فيقول: زوجتك ابنتي الكبرى أو الوسطى أوالصغرى فإن سماها مع ذلك كان تأكيدا.

وقال في الفروع لابن مفلح: ويشترط تعيين الزوجين، فإن أشار الولي إلى الزوجة أو سماها أو وصفها بما تتميز به صح.. انتهى.

فإذا تميز العاقد والمعقود عليها، وتبين ذلك للشهود، فقد حصل التعيين المطلوب، وقد حصل ذلك التعيين بإبراز كل من العاقد (الزوج) والمعقود عليها (الزوجة) بطاقاتهم الشخصية المتضمنة أسماءهم وصورهم أثناء العقد، واطلاع الشهود عليها، وعليه فيصح هذا العقد، ولا إشكال فيه.

ثم إن الشك في العمل بعد الفراغ منه لا يلتفت إليه، قال ابن رجب الحنبلي في القواعد: وإذا شك بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركن منها فإنه لا يلتفت إلى الشك. والقاعدة أنه لا يزول عن يقين النكاح بالشك.

وأما العقد بالكتابة بدون تلفظ، فلا يصح عقد النكاح بالكتابة والإشارة من قادر على النطق، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، من المالكية، والشافعية، والحنابلة، سواء أكان العاقدان حاضرين، أم غائبين، قال الدردير: ولا تكفي في النكاح الإشارة ولا الكتابة إلا لضرورة خرس. وقال في موضع آخر: وفسخ مطلقا قبل الدخول وبعده وإن طال، كما لو اختل شرط من شروط الولي أو الزوجين أو أحدهما، أو اختل ركن، كما لو زوجت المرأة نفسها بلا ولي أو لم تقع الصيغة بقول، بل بكتابة أو إشارة أو بقول غير معتبر شرعا. انتهى.

وقال الشربيني الخطيب: ولا ينعقد بكتابة في غيبة أو حضور، لأنها كناية، فلو قال لغائب: زوجتك ابنتي أو قال: زوجتها من فلان، ثم كتب فبلغه الكتاب فقال: قبلت لم يصح. انتهى.

وقال البهوتي من الحنابلة: لا يصح النكاح من القادر على النطق بإشارة ولا كتابة للاستغناء عنها. انتهى.

وفصل الحنفية في جواز عقد النكاح بالكتابة فقالوا: لا ينعقد بكتابة حاضر، فلو كتب: تزوجتك، فكتبت: قبلت لم ينعقد، وكذلك إذا قالت: قبلت، أما كتابة غائب عن المجلس فينعقد بها النكاح بشروط وكيفية خاصة (تراجع في الموسوعة الفقهية).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة