السؤال
لقد مررت بتجربة قاسية حيث خطبت امراة وعقدت القران عليها ( عندنا في الجزائر نقول الفاتحة) وبقي فقط الدخول وبعدها اكتشفت بأن خطيبتي كانت على علاقة عاطفية غير شرعية لمدة طويلة مع رجل آخر فلم أستطع تمالك نفسي ففسخت الخطبة بشكل عنيف حيث حرمتها على نفسي وأقسمت بأن لا أتزوج من امراة أعرف ماضيها وراحت المرأة لحالها بعد أن أعطيتها نصف المهر(الصداق) وبعدها أصبت بسبب الحادثة بانهيار عصبي فأصبحت أتناول مهدئات عصبية (عن طريق طبيب النفس والأعصاب) وتماثلت للشفاء والحمد لله لكن بقيت في نفسي رواسب الحدث حيث كلما فكرت في الزواج ينزل بي سيل عارم من الوساوس فكلما رأيت امرأة وأعجبتني يخيل لي بأنني رأيتها مع رجل آخر وتصبح لي حقيقة و يرجعني إلى القسم الذي كنت أقسمته سابقا وحتى عندما يقترح لي أهلي أو أصحابي امرأة وقبل أن أراها يخيل لي بأنني رأيتها مع رجل آخر وتصبح لي حقيقة ويرجعني الى القسم الذي كنت أقسمته سابقا فتبدء بالوساوس والوهم وتنتهي لي كأنها حقيقة ؟ هذه واحدة والثانية هي إذا تغلبت على هذا الوسواس ووجدت امرأة لا شك فيها يخيل لي بأنني حرمتها على نفسي وحتى إن لم أقل ذلك يمر في عقلي على شكل ومضات بأنني حرمتها على نفسي كما أعلم بأن هذه ردات فعل نفسية على ما حدث لي سابقا ،هذه مقدمة وأسئلتي هي: 1_ما هو تفسير ما يحدث لي من الناحية الشرعية ؟ 2_ما هو حكم الشرع فيمن يمر بنفسه(بخياله) بأنه حرم امرأة على نفسه وما تأثيره على صحة الزواج ؟ 3_ما حكم الشرع فيمن أقسم بأن لا يتزوج من امرأة بصفة معينة وبعدها ظهرت له هذه الصفة التي كان قد أقسم عليها؟أستسمحكم على هذه الإطالة لأنني في معاناة مند 6سنواتوبارك الله فيكم .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية ننصحك بترك الغضب، وأن تعود نفسك على الصبر وعدم الانفعال، ونذكرك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاء يطلب منه الوصية، فقال له: لا تغضب. فردد مرارا، قال: لا تغضب. رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
واعلم أنك إذا اخترت للنكاح امرأة ذات دين وخلق, فلا ينبغي أن يهمك كيف كان ماضيها، طالما أنها قد تابت منه.
ثم إن ما يحدث لك هو أزمة نفسية ناتجة عن عقدة قد حصلت عندك مما اكتشفته مما كانت عليه زوجتك من علاقة عاطفية غير شرعية مع رجل آخر ، ولا نعلم له تفسيرا شرعيا يختلف عن تفسيره النفسي ، ومن يمر بخياله أنه قد حرم امرأة على نفسه، فإنها لا تحرم عليه، ولا تأثير لذلك على صحة زواجه من تلك المرأة.
وذلك لأن حديث النفس متجاوز عنه؛ كما في الحديث الشريف. فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
مع أنك لو طلقت أو حرمت امرأة ليست في عصمتك فإنها لا تطلق ولا تحرم عليك إجماعا ، وإنما المختلف فيه هو تعليق طلاق المرأة على التزويج بها، والراجح أنها لا تطلق أيضا ، قال ابن قدامة في المغني: وإذا قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق لم تطلق إن تزوج بها... روي هذا عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والحسن وعروة وجابر بن زيد وسوار والقاضي والشافعي وأبو ثور وابن المنذر... وهو قول أكثر أهل العلم; لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك, ولا عتق فيما لا يملك, ولا طلاق لابن آدم فيما لا يملك... وعن أحمد رحمه الله ما يدل على وقوع الطلاق والعتق. وهو قول الثوري وأصحاب الرأي; لأنه يصح تعليقه على الأخطار, فصح تعليقه على حدوث الملك كالوصية والنذر واليمين. وقال مالك: إن خص جنسا من الأجناس أو عبدا بعينه عتق إذا ملكه.
وعن سؤالك الأخير، فإن من أقسم بأن لا يتزوج من امرأة بصفة معينة وبعدها ظهرت له فيها تلك الصفة التي كان قد أقسم عليها، فإذا كان يرى الخير في التزوج بتلك المرأة، فالأفضل له أن يتزوج منها ويكفر عن يمينه عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه . رواه مسلم.
والله أعلم.