0 252

السؤال

السؤال:
اشتريت سيارة من صديق ولم أدفع له ثمنها وقمت ببيعها إلى صديق آخر .
وعند البيع إلى الصديق الثاني قلت له بانني اشتريت السيارة بثمن كذا وكذا وبعتها له بثمن زائد عن الذي اشتريت به من الصديق الأول.
فهل علي إثم في هذه الحالة لأنني لم أدفع إلى الصديق الأول في البداية وإنما دفعت له عندما قبضت من الصديق الثاني وكان لي فيها ربح من غير أن يعلم الصديقان فهل هذا جائز.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فقد تضمن سؤالك مسألتين هما:

· بيعك السيارة قبل دفع ثمنها.

· وإخبارك المشتري بالثمن الذي اشتريت به.

وحول النقطة الأولى، فلا حرج في أن يشتري المرء السلعة ويبيعها قبل أن يدفع ثمنها.

والذي لا يجوز من هذا هو بيعها قبل أن تتم عملية الشراء وعملية القبض لورود النهي عن بيع ما لا يملك وعن البيع قبل القبض، فقد روى أحمد وأبو داود عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولا تبع ما ليس عندك.

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم.

وأما ما ذكرته من أنك عند البيع إلى الصديق الثاني قلت له بأنك اشتريت السيارة بثمن كذا وكذا وبعتها له بثمن زائد عن الذي اشتريت به من الصديق الأول، فإن كنت قد أخبرته بالثمن على حقيقته وبعتها له بأزيد منه فلا شيء في ذلك.

وإن كنت تعني أنك كذبت فيما أخبرته به من الثمن، فالكذب في البيع حرام وسبب لمحق البركة، ولن يعود على صاحبه بخير، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما.

وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن البائع في هذه الحالة يجب عليه أن يحط عن المشتري تلك الزيادة التي زادها عليه وحصتها من الربح.

ففي الأم: قال الشافعي رحمه الله: وإذا ابتاع الرجل من الرجل ثوبا مرابحة فباعه ثم وجد البائع الأول الذي باعه مرابحة قد خانه في الثمن فقد قيل تحط عنه الخيانة بحصتها من الربح ويرجع عليه به.

وقال السرخسي في المبسوط: وإذا باع المتاع مرابحة فخانه فيه فالمشتري بالخيار إذا اطلع عليه إن شاء أخذه بجميع الثمن, وإن شاء ترك وإن استهلك المتاع أو بعضه فالثمن كله لازم له في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف وابن أبي ليلى -رحمهما الله- يحط عنه الخيانة وحصتها من الربح على كل حال.

وفي الموسوعة الفقهية: ذهب الشافعية في الأظهر عندهم والحنابلة إلى أنه لو باع شيئا مرابحة فقال: هو علي بمائة بعتك بها وبربح عشرة, ثم علم أن رأس ماله تسعون, فالبيع صحيح وللمشتري الرجوع على البائع بما زاد على رأس المال وهو عشرة وحظها من الربح -وهو درهم- فيبقى على المشتري بتسعة وتسعين. وقريب منه ما قاله أبو يوسف من الحنفية بأنه إذا اشتراه بعشرة دراهم وباعه بربح خمسة, ثم ظهر أن البائع اشتراه بثمانية فإنه يحط قدر الخيانة من الأصل وهو الخمس -أي درهمان وما قابله من الربح- وهو درهم, فيأخذ الثوب باثني عشر درهما... وقال المالكية: إن كذب البائع في إخباره, كأن يخبره أنه اشتراه بخمسين وقد كان اشتراه بأربعين -سواء أكان عمدا أم خطأ- لزم البيع المشتري إن حط البائع الزائد المكذوب، وإلا خير بين التماسك والرد...

فعليك إن كنت كذبت فيما أخبرت به المشتري من الثمن أن تبادر إلى التوبة من ذلك، وترجع إليه ما كنت زدته عليه مع حصته من الربح.

والله أعلم.


 

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة