السؤال
أنا فتاة في الواحد والعشرين من عمرى أعيش بمفردي أنا و أختي الصغرى وأبي وأمي مسافران للعمل في الخارج مند 8 سنوات .. تقدم لخطبتي هذا العام شاب على خلق عال ومتدين جدا عن طريق إحدى صديقاتي وعندما أتى أهلي من السفر في الإجازه ذهب لأبي ولكن أبي رفضه أكثر من مرة بالرغم من أنه أثنى على خلقه ولكنه رفضه بدون سبب مقنع .. وقبل سفر أبي مرة أخرى أقنعه عمي الأكبر أن أهم صفة في زوج البنت هي الدين والخلق فاقتنع أبي ووافق عليه وأخبر عمي أن كل شىء يتم بينه وبين الشخص المتقدم لخطبتي وأن يتفقوا على كل شيء وأخبرني أبي أن عمي يحل محله في أي شيء ... المشكله الآن أننا نعيش في مجتمع منفتح غير متدين الشخص المتقدم لخطبتى يحدثني كثيرا ليأخذ رأيي في أمور عديده مثل الشقة وأين أفضل أن تكون وهكذا وعمي متكاسل عن الموضوع لأنه يعيش في مدينة تبعد عنا فلم يأخذ أي خطوة .. أنا أعيش في حاله من العذاب أشعر أن لا أهل لي ولا أحد مسؤول عنى مع العلم أن أبي ايضا حتى الآن يرفض الحديث معه ويتجاهله لأنه لا يحبه وخاصة أن أبي يغار علي بشدة من أي أحد كما أن أبي يتاجهلني أيضا ويعتبر تمسكي بهذا الشخص ومطالبتي بسرعة عقد القران نوعا من الجحود والوقوف في وجهه وعدم طاعته .. فأريد أن أعلم هل لي الحق أن أضغط على أهلي ليتخذوا خطوة سريعة مثل عقد القران في غيابهم ويكون عمي وليا لي .. ( مع العلم أن أبي لا يحب أن أذكر له هذا الحديث و يتحجج بسفره وبأني مازلت أدرس بالرغم من أني متفوقة جدا في دراستي ولا يعوقني أي شيء من التقدم والحمد لله ) أم من الواجب على أن أمتثل لكلام أبي وأصبر .. ولكني صبرت كثيرا في شتى الأمور , صبرت عندما كنت طفلة اعتنيت بنفسي و أختي حافظت على سمعتي وتفوقي في دراستي وكنت مثالا و قدوة لجميع صديقاتي وحتى الآن يضرب بي المثل في الأخلاق و الحمد لله .. أليس من واجب الأم والأب أن يتواجدوا بجوار أبنائهم وقت الحاجة ؟ أم أن السعي وراء الرزق أهم ؟ أعتذر عن إطالتي ولكني أشعر بالندم وبتأنيب الضمير كلما عاتبت أمي وأبي على موقفي الصعب هذا . كل ما أريده هو أن أكون مسؤولة من شخص أمام الناس وأمام الله ؟؟ هل أذنب لأني أطالب أبي بسرعة عقد القران ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يوفقك، وييسر أمرك، ويرزقك زوجا صالحا تقر به عينك وتسعد به نفسك في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب ، وأما ما سألت عنه مما يدور بينك وبين أبيك في شأن تزويجك فلا حرج فيه، فلك أن تسأليه أن يزوجك ممن رضيت دينه وخلقه، وليس له أن يعضلك عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن .
ولكن ينبغي أن يكون طلبك له وحديثك معه في ذلك الشأن وغيره بأسلوب حسن لقول الله تعالى : فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {الاسراء: 23 } وانظري الفتوى رقم : 8799 ، وقد ذكرت أنه قد وكل عمك في إتمام الأمر ومنحه الولاية عليك في هذا الشأن، وهذا حسن لا حرج فيه، فينبغي أن تسارعي في إتمامه وتسألي خطيبك ذلك لتعفي نفسك عن الحرام ، وأما ما يدور بينك وبين خطيبك من كلام عن ترتيبات الزيجة وموعدها ونحو ذلك فالأصل أنه لا حرج فيه إن كان منضبطا بضوابط الشرع لا خضوع فيه ولا خلوة، ولكن يخشى أن يكون منفذا يدخل فيه الشيطان للإفساد، وقد منع كثير من أهل العلم المرأة الشابة من التسليم على الأجنبي سدا لباب الفتنة، فالأولى أن تتركي خطيبك يتحدث مع عمك وتطالبي عمك بالإسراع في إتمام الزواج، فإن كانت الحاجة داعية ولا بد لحديثك مع خطيبك فعليكما أن تقتصرا في ذلك على الحاجة فحسب ، واعلمي أنه لا زال أجنبيا عنك. وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين رقم : 1753 ، 1847 .
وننصحك أيتها السائلة الكريمة بالصبر على ما يسببه لك بعد الوالدين من أذى ووحشة، فهما وإن قصرا فيما يجب عليهما تجاهك فلا يسقط ذلك حقهما عليك في البر والاحسان وخفض الجناح، وللفائدة انظري الفتويين رقم : 23307 ، 58854 ، وسعي الوالدين وطلبهما للرزق إن كان لسد الحاجة وكسب العيش لا حرج فيه، إذا لم يؤد إلى تضييع الأبناء كأن يجدا من يقوم مقامهما في تربيتهم وحفظهم، وإلا فلا يجوز لهما ذلك لما فيه من تضييع حقوق الأبناء ودرء المفسدة أولى من جلب المصلحة ، ومهما يكن من أمر فإن تقصير الوالد لا يبيح عقوق الولد له. وانظري الفتوى رقم : 27021 .
والله أعلم .