السؤال
لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبفضل الله أوفق أحيانا في ذلك وأحيانا أفقد الشجاعة وأكون عاجزة عن الكلام، فهل أأثم على السكوت؟هذا من ناحية ومن ناحية أخري فبحكم سكني بالقرب من معهد ومدرسة مختلطة فعند خروجي يصادفني في بعض الأحيان شباب وشابات في مواضع محرجة ومخجلة، فهل يجوز لي أن أخاطبهم وأذكرهم بالله وأنهاهم عن المنكر أم أنكر الأمر بقلبي نظرا لما يمكن أن أتعرض له من عنف لفظي أو جسدي؟وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك، وأن يعينك على أداء هذه الفريضة العظيمة ، ولتعلمي أن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فرائض الإسلام العظام، والراجح من أقوال أهل العلم أنها من فروض الكفاية التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركها الجميع أثم القادرون عليها من غير عذر ، وهي من مميزات هذه الأمة وأسباب اختيارها فقد قال الله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله {آل عمران: 110 } فإذا عجز المسلم عن القيام بها بأي وجه من وجوه العجز فإنها تسقط عنه، ويكتفي حينئذ بالإنكار بالقلب الذي هو آخر مراحل تغيير المنكر ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان . رواه مسلم . وفي حديث آخر من روايته : وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل .
ولذلك فإذا كنت تخشين خشية مستندة إلى سبب موجود واقعا وليس وهما أن يصيبك ضرر أو أذى أو عنف فإنك تكتفين بالإنكار بالقلب وبذلك يسقط عنك إثم السكوت عن المنكر ، وهذه المرحلة من الإنكار لا تسقط بحال من الأحوال لأن القلب لا سلطان لأحد عليه . ويجوز لك مخاطبة أهل المنكر ونهيهم إذا كان ذلك لا يؤدي إلى منكر أكبر منه، ولو أدى ذلك إلى تعرضك للأذى إذا كنت تستطيعين الصبر عليه ، فقد قال الله تعالى على لسان لقمان عليه السلام : يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور {لقمان: 17 } وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتاوى التالية : 25032 ، 43762 ، 46652 .
والله أعلم .