السؤال
في حديث للنبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .الصدقة تمحو الخطيئة .........الخالسؤال : هل الصدقة تمحو الخطيئة و إن كانت من الكبائر مثل الزنا ؟
في حديث للنبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .الصدقة تمحو الخطيئة .........الخالسؤال : هل الصدقة تمحو الخطيئة و إن كانت من الكبائر مثل الزنا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في هذا النوع من الأحاديث هل ما ورد فيه هو تكفير الصغائر فقط وأما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة. أم أنه تكفير الجميع على قولين مشهورين:
الأول: أنه تكفير الصغائر فقط، وعليه الأكثر وقيدوا هذا الحديث وأمثاله بالحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى عند شرح حديث: كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله. قال: معناه أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فإنها لا تغفر، وليس المراد أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة، ثم قال رحمه الله: قال القاضي عياض: هذا المذكور في الحديث من غفران الذنوب ما لم تؤت كبيرة هو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى وفضله.
الثاني: أنه يكفر الصغائر والكبائر وهو رأي طائفة وقد نصره شيخ الإسلام ابن تيمية فقد أورد الحديث المذكور ثم قال: وسؤالهم على هذا الوجه أن يقولوا الحسنات إنما تكفر الصغائر فقط فأما الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة كما قد جاء في بعض الأحاديث: " ما اجتنبت الكبائر " فيجاب عن هذا بوجوه. أحدها: أن هذا الشرط جاء في الفرائض. كالصلوات الخمس والجمعة وصيام شهر رمضان وذلك أن الله تعالى يقول: { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } فالفرائض مع ترك الكبائر مقتضية لتكفير السيئات وأما الأعمال الزائدة من التطوعات فلا بد أن يكون لها ثواب آخر فإن الله سبحانه يقول: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. الثاني : أنه قد جاء التصريح في كثير من الأحاديث بأن المغفرة قد تكون مع الكبائر كما في قوله صلى الله عليه وسلم غفر له وإن كان فر من الزحف.
وفي السنن: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب. فقال: أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار. وفي الصحيحين في حديث أبي ذر: وإن زنى وإن سرق.
الثالث: أن قوله لأهل بدر ونحوهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم إن حمل على الصغائر أو على المغفرة مع التوبة لم يكن فرق بينهم وبين غيرهم. فكما لا يجوز حمل الحديث على الكفر لما قد علم أن الكفر لا يغفر إلا بالتوبة لا يجوز حمله على مجرد الصغائر المكفرة باجتناب الكبائر.
الرابع : أنه قد جاء في غير حديث أن أول ما يحاسب عليه العبد من عمله يوم القيامة الصلاة فإن أكملها وإلا قيل: انظروا هل له من تطوع فإن كان له تطوع أكملت به الفريضة ثم يصنع بسائر أعماله كذلك.
ومعلوم أن ذلك النقص المكمل لا يكون لترك مستحب ؛ فإن ترك المستحب لا يحتاج إلى جبران ولأنه حينئذ لا فرق بين ذلك المستحب المتروك والمفعول فعلم أنه يكمل نقص الفرائض من التطوعات. وهذا لا ينافي من أن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة مع أن هذا لو كان معارضا للأول لوجب تقديم الأول لأنه أثبت وأشهر وهذا غريب رفعه وإنما المعروف أنه في وصية أبي بكر لعمر ؛ وقد ذكره أحمد في " رسالته في الصلاة ". وذلك لأن قبول النافلة يراد به الثواب عليها. ومعلوم أنه لا يثاب على النافلة حتى تؤدى الفريضة فإنه إذا فعل النافلة مع نقص الفريضة كانت جبرا لها وإكمالا لها. فلم يكن فيها ثواب نافلة.اهـ
والله أعلم.