الغضب بين الأزواج نصائح وعلاج

0 511

السؤال

أريد أن أسأل كيف تحترم المراة زوجها أي إلى أي حد والقصد أنه إذا حدث كلام قاس من الزوج كيف ترد الزوجة وأكثر الأزواج يحبون أن يثيروا غضب الزوجة دائما فما حكم الشرع في هذا..... وأحيانا يستهزئ بها.. يحبها ولكن يعاملها كيف ما يريد أي هو يري نفسه أنه يستطيع أن يتكلم بصوت عال ويقول ما يريد في حالة غضبه وهي لا تتكلم وإذا تكلمت ممكن أنه يزداد غضبا.. فما الحل، المرأة تحس أنها ستنفجر، ولكن لا تستطيع الكلام وتبكي بحرقة لوحدها وتكره زوجها في تلك اللحظات وهذا يؤثر بشكل كبير علي حالتها النفسية..... فكيف تعبر المرأة عن حالتها وكيف تتكلم... فهل تقول للزوج إذا لم تحترمني فأنا لن أحترمك؟ جزاكم الله خيرا، وأرجو أن توضحوا للأزواج كيفية احترام الزوجات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن استقرار الحياة الزوجية واستمرارها غاية من الغايات التي يحرص عليها الإسلام ويحث عليها، لذا فعلى كل من الزوجين أن يحافظ على ما يضمن استمرار الحياة الزوجية، ويقوي أواصرها، وأن يفي لصاحبه بجميع الحقوق الواجبه له، وأن يتغاضى عما يمكن التغاضي عنه من حقوقه الخاصة، هذا هو ما يحث عليه الشرع ويرغب فيه، وبناء على ما تقدم نقول ونوجه الكلام هنا أولا إلى معاشر الأزواج فنقول لهم: إن عليكم أن تتقوا الله تعالى في زوجاتكم، وتمتثلوا أمر الله فيهن، وتحفظوا لهن وصية النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج. متفق عليه.

واعلموا أن خير الرجال من كان خيرا لأهله، وأن للنساء من الحقوق عليكم مثلما لكم عليهن، كما قال الله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف {البقرة:228}، فالله تبارك وتعالى هنا قد بين أن لكل من الزوجين حقا على الآخر، وأوجب على كل طرف الوفاء بما عليه، لأن ذلك هو السبب الوحيد للاطمئنان والهدوء النفسي، وإشاعة المودة والرحمة والسعادة الزوجية واستمرارها.

إذا تقرر هذا فليعلم أن أول حقوق الزوجة على زوجها وأهمها: إكرامها ومعاملتها ومعاشرتها بالمعروف، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها، وينمي شعورها بالسعادة والاطمئنان، قال الله تعالى: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا {النساء:19}، ومن المظاهر التي تنبئ عن اكتمال الخلق ونمو الإيمان أن يكون المرء رفيقا بأهله، متلطفا بهم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

كما أن إكرام المرأة دليل على الشخصية المتكاملة وإهانتها دليل على الخسة واللؤم، فما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم. رواه أبو داود. ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 3698، والفتوى رقم: 5381

هذا فيما يخص الزوج.. وأما الزوجة فنقول لها أولا: إن على الزوجة أن تعلم حق زوجها عليها، فإن كثيرا من المشاكل تحدث بسبب جهل بعض الزوجات بما أوجبه الله عليهن تجاه أزواجهن، وكثير من المشاكل تحل بقيام الزوجة بهذا الحق، فطاعة الزوج واجبة على الزوجة ما لم تكن في معصية الله تعالى، بل إن طاعته مقدمة على طاعة الوالدين، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: أمه. رواه البزار والحاكم بإسناد حسن.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.

ثانيا: ينبغي أن تعلم أن أداء الزوجة لحق زوجها إضافة إلى ما ينتج عنه من سعادة في حياتها الزوجيه، فإنها تنال به الأجر والثواب الجزيل، فقد جعل الله سبحانه وتعالى طاعتها لزوجها والقيام بحقوقه تعدل الجهاد في سبيل الله والشهادة في سبيله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة (وهي أسماء بنت يزيد الأنصارية) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أجروا، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون. ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافا بحقه يعدل ذلك كله، وقليل منكن من يفعله. رواه البزار والطبراني.

وجعل سبحانه رضى زوجها عنها سببا في دخولها الجنة، فقد روى الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة.

ثالثا: عند غضب الزوج ينبغي ألا تقابله بغضب مثله، فإن ذلك مما يزيد الأمر سوءا، ويفتح للشيطان بابا بينهما، والذي ننصحها به هو التزام الصمت عند غضبه، وعدم مقابلته والرد عليه، فإن سرعان ما يهدأ، وعندها يمكن لها نصحه والتفاهم والتناقش معه في جو هادئ تسوده المودة والاحترام، كما ننصحها بتدبر قول أبي الدرداء رضي الله عنه لأم الدرداء: إذا غضبت فرضيني، وإذا غضبت رضيتك، فمتى ما لم يكن هكذا ما أسرع ما نفترق. رواه ابن عساكر في تاريخه، وقول أسماء بن خارجة الفزاري لابنته لما أهداها لزوجها: يا بنية كوني لزوجك أمة، يكن لك عبدا، ولا تدني منه فيملك، ولا تباعدي عنه فتثقلي عليه، وكوني كما قلت لأمك: خذي العفو مني تستمدي مودتي   * ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

فإني رأيت الحب في الصدر والأذى   * إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب.

فإذا تقرر هذا علم أنه ليس لأحد الزوجين رفع الصوت على الآخر، ولا الصراخ في وجهه؛ لأن ذلك مما يؤدي إلى الشقاق واحتدام الخلاف، وإن حدث في لحظة غضب فخيرهما الذي يضبط أقواله ويزن أفعاله ويمتص غضب الآخر بالكلمة الطيبة والفعل الجميل، ولو كان مظلوما. فإذا ما هدأ الخصام وعادت السكينة أمكنه مناقشة الأمر بهدوء، وبيان الخطأ بأسلوب هين لين هنا تغمر المحبة والألفة أرجاء الحياة الزوجية، ويسعد كل من الزوجين بالآخر، ولمعرفة كيفية علاج الغضب والأسباب المعينة على ذلك نرجو مراجعة الفتوى رقم: 8038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة