السؤال
أنا شاب كنت مقيما للصلاة.. وفي فترة من الفترات أصبحت تاركا للصلاة لا أصلي وأفعل الذنوب كبيرها وصغيرها.. والآن تبت ولله الحمد.. ولكن السؤال هل الحسنات التي كنت أقوم بها قبل تركي للصلاة محيت... لأني أعلم بأن من ترك الصلاة كافر ... وهل يقبل الله توبتي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن ضيعها خاب وخسر، ومن حافظ عليها فاز ونجا، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا {مريم:59}، وقال تعالى: فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون {الماعون:4-5}، ومن ترك الصلاة جاحدا لوجوبها كفر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلا لا يكون كافرا بذلك عند جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنفية خلافا للحنابلة، كما تقدم في الفتوى رقم: 1145.
وعليه.. فبناء على مذهب الجمهور فإن تارك الصلاة كسلا لا يكفر بذلك، وبالتالي فلا يترتب على ذلك بطلان ثواب ما عمله من طاعات قبل تركها، ويجب عليه قضاء جميع الصلوات التي تركها، وإن لم يكن ضابطا لعددها فليواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة الذمة، وكيفية قضاء هذه الفوائت قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 61320.
وبناء على القول بكفر تارك الصلاة فلا يجب عليه قضاء ما فاته من صلوات، ويبطل ثواب أعماله الصالحة التي عملها قبل ردته عن الإسلام عند المالكية والحنفية والحنابلة في رواية خلافا للشافعية، كما تقدم في الفتوى رقم: 37185.
واعلم أن الله تعالى يقبل توبة عبده ويفرح بها، قال الله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}، وقال تعالى: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما {النساء:110}، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
فأحسن توبتك بإكمال أركانها وذلك بالندم على ما فات وترك الذنب في الحال والعزم على عدم العود إليه في المستقبل، ثم أحسن بالله الظن فظن به أنه سيغفر ذنبك ويمحوه، فإنه سبحانه يقول في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي. متفق عليه، فاستقم على توبتك وأكثر من الأعمال الصالحة وابتعد عن رفقاء السوء، وشروط التوبة الصادقة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 5450، والفتوى رقم: 54210.
والله أعلم.