السؤال
كنت موظفا في إحدى شركات القطاع العام المصري التى تم خصخصتها وبيعها وتسريح العاملين بها وقد أخذت مبلغا تعويضيا وهذا المبلغ هو كل ما أملك وليس لي عمل آخر وليس لي أي دراية بالتجارة ولا أعرف أي طريق لاستثمار هذا المبلغ إلا وضعه في البنك حيث قام أحد البنوك الحكومية بعمل ما يسمى بنظام المعاش المبكر حيث نضع عنده ما لدينا من أموال فى مقابل راتب شهرى ثابت يتم حسابه على أساس فائده 11% فهل هذا جائز؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس البنك بطريق للاستثمار الذي أحله الله، إلا إذا كان بنكا يسير معاملاته وفق أحكام شرع الله.
وما يعرف بنظام المعاش المبكر الذي تقوم به بعض البنوك هو: عين الربا المحرم، ولا يجوز الانتفاع بما يخرج منه من فوائد.
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) [البقرة:278].
قال الجصاص في أحكام القرآن (1/465): (الربا الذي كانت العرب تعرفه، وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيارة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به) وقال أيضا: (معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة، فكانت الزيادة بدلا من الأجل، فأبطله الله تعالى وحرمه).
ووضع المال في البنك مقابل راتب شهري هو في الحقيقة قرض منك للبنك، لأنك إذا شئت أخذت رأس المال وافيا دون أن ينقص منه شيء.
قال الفخر الرازي في تفسيره (4/92): (ربا النسيئة هو الأمر الذي كان مشهورا متعارفا في الجاهلية، وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدرا معينا، ويكون رأس المال باقيا، ثم إذا حل الدين طالبوا المدين برأس المال).
وقد يظن ظان أن البنك يستثمر الأموال المودعة لديه، وهذا غير صحيح لأن البنك لا يريد أن يدخل في مغامرة، ولذلك يلجأ إلى الإقراض، وعلى فرض أنه يستثمر فإن تحديد نسبة الأرباح على نحو معلوم سلفا - من رأس المال - غير جائز شرعا، ومبطل لعقد المضاربة، لأنه في حالة إذا ما استثمر المال - وهذا نادر جدا - قد يربح كثيرا، ويعطي نسبة ضئيلة لصاحب المال، وقد لا يربح، بل قد يخسر.
ولا شك - أبدا - أن الأسلم لدين المرء أن يلجأ إلى طرق الاستثمار المعروفة التي أباحها الشرع، وإن كنت عاجزا عن الاستثمار بنفسك لعدم معرفتك بأساليب التجارة، فلك أن تضع المال عند من تثق به ليضارب لك به، وإن لم تجد إلى ذلك سبيلا، فلك إيداعه في بنك إسلامي يسير معاملته وفق أحكام شرع الله. والله أعلم.