السؤال
أفتونا مأجورين.... أشار الأئمة الشافعية على أن كراهة النوم قبل العشاء كما في الحديث: كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، تعم سائر الصلوات وأن ذلك بعد دخول الوقت وليس قبله، وأن النوم جائز قبل دخول وقت الصلاة بلا حرمة ولا كراهة وإن تيقن عدم تيقظه فيه، ذلك لأنه لم يخاطب بها، كذا الجمعة، وخالفهم في ذلك غيرهم كما لا يخفى عليكم... فأرجو تحقيق الحق في المسألة بما يزيل اللبس ويظهر الحق والصواب؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلأئمة الشافعية رحمهم الله تعالى قولان في المقصود بكراهة النوم قبل العشاء:
الأول: وهو المشهور أنه يكره بعد دخول الوقت ما لم يغلبه النوم فلا كراهة، وإن ظن استغراق النوم لكل الوقت فيحرم عليه ما لم يغلب على أمره فينام بلا إرادة.
الثاني: أنه يكره من بعد صلاة المغرب ولو قبل دخول وقت العشاء موافقة للجمهور لقصر هذا الوقت، والأصح عندهم هو القول الأول وهو أنه لا يكره، قال الإمام الرملي رحمه الله في نهاية المحتاج: ويكره النوم قبلها أي صلاة العشاء لما فيه من خوف استمراره إلى خروج الوقت، ولأنه عليه الصلاة والسلام كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، ولهذا قال ابن الصلاح: إن هذه الكراهة تعم سائر الصلوات، وسياق كلامهم يشعر بتصوير المسألة بما بعد دخول الوقت، قال الإسنوي: وينبغي أن يكره أيضا قبله وإن كان بعد فعل المغرب للمعنى السابق.... ومحل كراهة النوم قبلها إذا ظن تيقظه في الوقت وإلا حرم، كما قاله ابن الصلاح وغيره، فإن نام قبل دخول الوقت لم يحرم، وإن غلب على ظنه عدم تيقظه فيه لأنه لم يخاطب بها، ولو غلب عليه النوم بعد دخول الوقت وعزمه على الفعل وأزال تمييزه فلا حرمة فيه مطلقا ولا كراهة.
وصرح المالكية والحنابلة بأنه يكره النوم ما بين المغرب والعشاء ولو وكل من يوقظه، وأما الحنفية فنفوا الكراهة عند توكيل من يوقظه، وتبقى هذه المسألة كغيرها من المسائل الخلافية بين أهل العلم ولا يفصل فيها عالم ولا عالمان ولا أكثر من ذلك لأن الخلاف فيها قد حصل واستقر ولا يمكن رفعه، وقول بعض العلماء ليس حجة على البقية ولا رافعا لخلافهم السابق.
ونحن نميل إلى القول بكراهة النوم قبل العشاء مطلقا؛ لظاهر الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. متفق عليه.
وأما النوم قبل وقت الصلاة في غير العشاء فالمذاهب الأربعة متفقة على عدم كراهته، ومن نام قبل الصلاة فعليه أن يعزم القيام للصلاة ويتخذ الوسائل التي توقظه ولا يهمل ذلك، وقد بينا هذا بدليله في الفتوى رقم: 42114.
والله أعلم.