السؤال
أنا تم عقد قراني، كان الشاهدان على العقد عم زوجته مدخن وأنا لا أعرف عنه شيئا من حيث العدالة والصلاة، الشاهد الثاني ابن خالتي وهو يؤدي الفريضة ولكنه مدخن وغير ملتزم، من شروط العقد أن يكون الشاهدان عدلان (لا بد لصحة العقد أن يشهد عليه شاهدان عدلان)، فما هو الحكم الشرعي في هذا العقد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 95589 حكم شهادة الفاسق على عقد النكاح واختلاف أهل العلم فيها، لكن لا يمكننا الحكم على الشاهدين المذكورين بالفسق لمجرد تعاطيهما الدخان أو غيره من مسائل الخلاف، وذلك لأنهما قد يكونان مقلدين لمن يقول بجوازه، أو لم يصل إليهما حكمه، فيكونان معذورين لذلك، فقد جاء عن الإمام الشافعي ما يفيد أن الإقدام على المفسق المختلف فيه لا يقدح في العدالة، فقد جاء في البحر المحيط للزركشي: أن من أقدم على الفسق معتقدا جوازه لشبهة أو تقليد ففيه ثلاثة أقوال، وأن ظاهر كلام الإمام الشافعي أن الإقدام على الفسق المظنون تقليدا أو لشبهة لا يقدح في العدالة لأنه -أي الإمام الشافعي- قال: أقبل شهادة الحنفي إذا شرب النبيذ وأحده.
وفي شرح الكوكب المنير وهو من كتب الحنابلة ما مفاده: أن شرب النبيذ للمتأول لا يقدح في العدالة عند غير الإمام مالك.
وعليه؛ فإذا لم يعلم منهما ما يقدح في عدالتهما من الكذب ونحوه، ولم يعلم أنهما يشربان الدخان انتهاكا للحرمة واستخفافا بالمعصية فتكون شهادتهما من قبيل شهادة مستور الحال، وهي تكفي في النكاح عند الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: لأن حكمه -يعني مستور الحال- حكم العدل في... والولاية في النكاح والشهادة فيه. ثم يقول ابن قدامة في موضع آخر معللا ذلك الحكم: لأن النكاح يكون في القرى والبادية وبين عامة الناس ممن لا يعرف حقيقة العدالة، فاعتبار ذلك يشق فاكتفي بظاهر الحال وكون الشاهد مستورا لم يظهر فسقه.
على أن من اشترطوا عدالة شهود النكاح وجدنا منهم من قيد العدالة واعتبر فيها حالة الزمان والمكان، قال عليش في فتاواه: وصفه العدل الذي تشترط شهادته في زماننا الإسلام مع عدم الاشتهار بالكذب، وقيل: لا بد مع ذلك من الكثرة، وجرى به العمل في المغرب...
وعليه؛ فإن العقد المذكور صحيح على ما يظهر لنا، ولكن إذا لم يكن اشتهر فينبغي إشهاره.
والله أعلم.