فصل
قال : الدرجة الثالثة : معرفة الأدب . ثم الفناء عن التأدب بتأديب الحق ثم الخلاص من شهود أعباء الأدب .
قوله :
معرفة الأدب .
يعني لا بد من الاطلاع على حقيقته في كل درجة . وإنما يكون ذلك في الدرجة الثالثة . فإنه يشرف منها على الأدب في الدرجتين الأوليين . فإذا عرفه وصار له حالا . فإنه ينبغي له أن يفنى عنه ، بأن يغلب عليه شهود من أقامه فيه . فينسبه إليه تعالى دون نفسه . ويفنى عن رؤية نفسه ، وقيامها بالأدب بشهود الفضل لمن أقامها فيه ومنته . فهذا هو الفناء عن التأدب بتأديب الحق .
قوله : ثم الخلاص من شهود أعباء الأدب
يعني : أنه يفنى عن مشاهدة الأدب بالكلية ، لاستغراقه في شهود الحقيقة في حضرة الجمع التي غيبته عن الأدب . ففناؤه عن الأدب فيها : هو الأدب حقيقة .
فيستريح حينئذ من كلفة حمل أعباء الأدب وأثقاله . لأن استغراقه في شهود الحقيقة لم يبق عليه شيئا من أعباء الأدب . والله سبحانه وتعالى أعلم .