( و ) السادس ( غارم ) وهو ضربان : الأول ( تدين لا بإصلاح ذات بين ) أي : وصل ، كقبيلتين أو أهل قريتين ولو ذميين تشاجروا في دماء أو أموال ، وخيف منه فتوسط بينهم رجل ، وأصلح بينهم وألزم في ذمته مالا عوضا عما بينهم ، لتسكين الفتنة ، فقد أتى معروفا عظيما ، فكان من المعروف حمله عنه من الصدقة ، لئلا يجحف بسادة القوم المصلحين ، وكانت
العرب تفعل ذلك ، فيحتمل الرجل الحملة - بفتح الحاء - ثم يخرج في القبائل ، يسأل حتى يؤديها ، فأقرت الشريعة ذلك ، وأباحت المسألة فيه ، وفي معناه ما ذكر بقوله ( أو تحمل إتلافا أو نهيا عن غيره ) فيأخذ من زكاته ( ولو ) كان ( غنيا ) لأنه من المصالح العامة فأشبه المؤلف ، والعامل ( ولم يدفع من ماله ) ما نحمله ; لأنه إذا دفعه منه لم يصر مدينا ، وإن اقترض ووفاه فله الأخذ بوفائه ، لبقاء الغرم ( أو لم يحل ) الدين ، فله الأخذ ، لظاهر حديث
قبيصة ( أو ) كان ما لزمه ( ضمانا ) بأن ضمن غيره في دين ( وأعسرا ) أي : المضمون والضامن ، فلكل منهما الأخذ من زكاة لوفائه ، فإن كانا موسرين أو أحدهما لم يجز الدفع إليهما ، ولا إلى أحدهما . والثاني من ضرب الغارم : ما أشار له بقوله ( أو تدين لشراء نفسه من كفار ، أو ) تدين ( لنفسه ) في شيء ( مباح ، أو ) تدين لنفسه ( في ) شيء ( محرم ، وتاب ) منه ( وأعسر ) بالدين لقوله تعالى : {
والغارمين } ( ويعطى ) غارم ( وفاء دينه ، كمكاتب ) لاندفاع حاجتهما به ، ودين الله كدين الآدمي
( ولا يقضى منها ) أي الزكاة ( دين [ ص: 458 ] على ميت ) لعدم أهليته لقبولها ، كما لو كفنه منها ، وسواء كان استدانه لإصلاح ذات بين أو لمصلحة نفسه .