أي: هذا باب في بيان صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة، والمراد من الصلاة الدعاء؛ لأن معناها اللغوي ذلك، وإنما عطف لفظ الدعاء على الصلاة؛ لئلا يفهم أن الدعاء بلفظ الصلاة متعين، بل إذا دعي بلفظ يؤدي معنى الثناء والخير فإنه يكفي، مثل أن يقول: آجرك فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت، أو يقول: اللهم اغفر له وتقبل منه، ونحو ذلك. والدليل عليه ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=101وائل بن حجر nindex.php?page=hadith&LINKID=73919أنه صلى الله عليه وسلم قال في رجل بعث بناقة حسنة في الزكاة: اللهم بارك فيه وفي إبله، قيل: إنما ذكر لفظ الإمام في الترجمة؛ ردا لشبهة أهل الردة في قولهم nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر الصديق: إنما قال الله عز وجل لرسوله: وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم وادعوا خصوصية ذلك بالرسول، فأراد أن كل إمام داخل فيه، ولهذا ذكر هذه الآية الكريمة؛ حيث قال فيه: "وقوله" بالجر عطف على ما قبله من المجرور أعني: لفظ الصلاة والدعاء.
قوله: إن صلاتك سكن لهم قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: أي: سكن لهم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: وقار، وقرئ "إن صلواتك" على الجمع.
قوله: والله سميع عليم أي: سميع لدعائك عليم من يستحق ذلك منك ومن هو أهل له.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال معناه: صل عليهم إذا ماتوا صلاة الجنازة؛ لأنها في الشريعة محمولة على الصلاة -أي: العبادة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم - أو أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم ينقل أحد أنه أمر السعاة بذلك، ولو كان واجبا لأمرهم به ولعلمهم كيفيته، وبالقياس على استيفاء سائر الحقوق؛ إذ لا يجب الدعاء فيه. انتهى.
(قلت): لم ينحصر معنى قوله تعالى: وصل عليهم على ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال من الصلاة على الجنازة بل جمهور المفسرين فسروا قوله: وصل عليهم مثل ما ذكرنا.
وعن هذا قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: أصل الصلاة في اللغة الدعاء إلا أن الدعاء يختلف بحسب المدعو له، فصلاته عليه السلام لأمته دعاء لهم بالمغفرة، وصلاة الأمة له دعاء له بزيادة القربة والزلفة، وبظاهر الآية أخذ أهل الظاهر وقالوا: الدعاء واجب، وخالفهم جميع العلماء وقالوا: إنه مستحب؛ لأنها تقع الموقع وإن لم يدع، ولو كان واجبا لأمر السعاة به كما ذكرنا.