الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1425 96 - حدثنا محمد قال: أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله قال: أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15924زكرياء بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد مولى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=651401قال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: nindex.php?page=treesubj&link=30756_846_3132_2652_7970_28633_848_28662_28635إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب.
مطابقته للترجمة في قوله: "تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم" وهذا الحديث قد مضى في أول باب وجوب الزكاة، فإنه أخرجه هناك عن nindex.php?page=showalam&ids=12063أبي عاصم الضحاك بن مخلد عن nindex.php?page=showalam&ids=15924زكرياء بن إسحاق إلى آخره، وهنا أخرجه عن محمد بن مقاتل، عن nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك إلى آخره، وقد مر الكلام فيه هناك مستقصى، وهاهنا زيادة وهي قوله: "فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم" إلى آخره، ولنذكر هنا ما لم نذكره هناك:
فقوله: "عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن" هكذا هو في جميع الطرق إلا ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب وإسحاق بن إبراهيم، ثلاثتهم عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، فقال فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس "عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن" فعلى هذا فهو من مسند معاذ، وسائر الروايات غير هذه من مرسل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12137أبي كريب، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بعث معاذا، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع نحوه، وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في (مسنده) عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع.
وأخرجه عنه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في المظالم عن يحيى بن موسى عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع كذلك.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في (صحيحه) عن محمد بن عبد الله المخزومي وجعفر بن محمد الثعلبي، nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي من طريق أبي خيثمة وموسى بن المسندي، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14302يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وإسحاق بن إبراهيم البغوي، كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع كذلك.
ولا يستبعد حضور nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لذلك؛ لأنه كان في أواخر حياة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو إذ ذاك مع أبويه.
قوله: "ستأتي قوما" توطئة للوصية؛ ليقوي همته عليها؛ لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة، فلذلك خصهم بالذكر؛ تفضيلا لهم على غيرهم.
قوله: "أهل كتاب" بدل لا صفة، وكان في اليمن أهل الذمة وغيرهم، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في أول (السيرة) أن أصل دخول اليهود في اليمن في زمن أسعد أبي كرب وهو تبع الأصغر.
قوله: "فإذا جئتهم" إنما ذكر لفظة "إذا" دون "إن" تفاؤلا بحصول الوصول إليهم.
قوله: "فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" كذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15924زكريا بن إسحاق لم يختلف عليه فيها، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15899روح بن القاسم عن إسماعيل بن أمية "فأول ما تدعوهم إليه عبادة الله تعالى، فإذا عرفوا الله" وفي رواية الفضل بن العلاء عنه "إلى أن يوحدوا الله، وإذا عرفوا ذلك".
قوله: "فإن هم أطاعوا لك بذلك" أي: شهدوا وانقادوا، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة: "فإن هم أجابوا لذلك" وفي رواية الفضل ابن العلاء "فإذا عرفوا ذلك" وإنما عدى أطاعوا باللام وإن كان يتعدى بنفسه لتضمنه معنى انقادوا.
قوله: "فإياك" كلمة تحذير.
قوله: "وكرائم" منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره، قال ابن قتيبة: ولا يجوز الواو. أما عدم جواز إظهار الفعل فللقرينة الدالة عليه ولطول الكلام. وقيل: لأن مثل هذا يقال عند تشديد الخوف. وأما عدم جواز حذف [ ص: 94 ] الواو؛ لأنها حرف عطف، فيختل الكلام بحذفه، والكرائم جمع كريمة وهي النفيسة.
وقيل: هو تذييل؛ لاشتماله على الظلم الخاص -وهو أخذ الكرائم- وعلى غيره.
قوله: "فإنه" أي: فإن الشأن، وهو تعليل للاتقاء، وتمثيل للدعوة، كمن يقصد إلى السلطان متظلما فيم يحجب عنه.
(ذكر ما يستفاد منه) فيه عظة الإمام وتخويفه من الظلم، قال تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18ألا لعنة الله على الظالمين ولعنة الله إبعاده من رحمته، والظلم محرم في كل شريعة، وقد جاء "إن دعوة المظلوم لا ترد، وإن كانت من كافر" وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في (مسنده) من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=689285nindex.php?page=treesubj&link=19755 "دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا، ففجوره على نفسه" ومعنى ذلك أن الرب سبحانه وتعالى لا يرضى ظلم الكافر كما لا يرضى ظلم المؤمن، وأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يظلم الناس شيئا، فدخل في عموم هذا اللفظ جميع الناس من مؤمن وكافر، وحذر nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا رضي الله تعالى عنه من الظلم مع علمه وفضله وورعه، وأنه من أهل بدر، وقد شهد له بالجنة، غير أنه لا يأمن أحدا، بل يشعر نفسه بالخوف.
وفوائده كثيرة، ذكرناها في حديث معاذ رضي الله تعالى عنه في أول الزكاة.