القول في
تأويل قوله ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ( 35 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وما لهؤلاء المشركين ألا يعذبهم الله ، وهم يصدون عن المسجد الحرام الذي يصلون لله فيه ويعبدونه ، ولم يكونوا لله أولياء ، بل أولياؤه الذين يصدونهم عن المسجد الحرام ، وهم لا يصلون في المسجد الحرام "
وما كان صلاتهم عند البيت " ، يعني : بيت الله العتيق " إلا مكاء " ، وهو الصفير .
يقال منه : " مكا يمكو مكوا ومكاء " وقد قيل : إن " المكو " : أن يجمع الرجل يديه ، ثم يدخلهما في فيه ، ثم يصيح . ويقال منه : " مكت است الدابة مكاء " ، إذا نفخت بالريح . ويقال : " إنه لا يمكو إلا است مكشوفة " ، ولذلك قيل للاست " المكوة " ، سميت بذلك ، ومن ذلك قول عنترة :
وحليل غانية تركت مجدلا تمكو فريصته كشدق الأعلم
وقول الطرماح :
[ ص: 522 ] فنحا لأولاها بطعنة محفظ تمكو جوانبها من الإنهار
بمعنى : تصوت .
وأما " التصدية " ، فإنها التصفيق ، يقال منه : " صدى يصدي تصدية " ، و" صفق " ، و" صفح " ، بمعنى واحد . * * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك :
16022 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا أبى ، عن
موسى بن قيس ، عن
حجر بن عنبس : " إلا مكاء وتصدية " ، قال : " المكاء " ، التصفير و" التصدية " ، التصفيق .
16023 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
عبد الله بن صالح قال ، حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، " المكاء " ، التصفير و" التصدية " ، التصفيق .
16024 - حدثني
محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي
[ ص: 523 ] قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، يقول : كانت صلاة المشركين عند البيت " مكاء " يعني الصفير و" تصدية " ، يقول : التصفيق .
16025 - حدثني
محمد بن عمارة الأسدي قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى قال ، أخبرنا
فضيل ، عن
عطية : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال : التصفيق والصفير .
16026 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن
قرة بن خالد ، عن
عطية ، عن
ابن عمر قال : " المكاء " ، التصفيق ، و" التصدية " ، الصفير . قال : وأمال
ابن عمر خده إلى جانب .
16027 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
قرة بن خالد ، عن
عطية ، عن
ابن عمر : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال : " المكاء " و" التصدية " ، الصفير والتصفيق .
16028 - حدثني
الحارث قال ، حدثنا
القاسم قال ، سمعت
محمد بن الحسين يحدث ، عن
قرة بن خالد ، عن
عطية العوفي ، عن
ابن عمر قال : " المكاء " ، الصفير ، و" التصدية " : التصفيق .
16029 - حدثنا
ابن بشار قال ، حدثنا
أبو عامر قال ، حدثنا
قرة ، عن
عطية ، عن
ابن عمر في قوله : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال ، " المكاء " الصفير ، و" التصدية " ، التصفيق وقال
قرة : وحكى لنا
عطية فعل
ابن عمر ، فصفر ، وأمال خده ، وصفق بيديه .
16030 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، أخبرني
بكر بن مضر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15632جعفر بن ربيعة قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف يقول في قول الله : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " قال
بكر : فجمع لي
جعفر كفيه ، ثم نفخ فيهما صفيرا ، كما قال له
أبو سلمة .
[ ص: 524 ]
16031 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا
أبو أحمد قال ، حدثنا
إسرائيل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس قال : " المكاء " ، الصفير ، و" التصدية " ، التصفيق .
16032 - . . . قال ، حدثنا
أبو أحمد قال ، حدثنا
سلمة بن سابور ، عن
عطية ، عن
ابن عمر : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال : تصفير وتصفيق .
16033 - . . . قال ، حدثنا
أبو أحمد قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16796فضيل بن مرزوق ، عن
عطية ، عن
ابن عمر ، مثله .
16034 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا
حبويه أبو يزيد ، عن
يعقوب ، عن
جعفر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال :
كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون ، فأنزل الله : (
قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده ) [ سورة الأعراف : 32 ] ، فأمروا بالثياب .
16035 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
الحماني قال ، حدثنا
شريك ، عن
سالم ، عن
سعيد قال :
كانت قريش يعارضون النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف يستهزئون به ، يصفرون به ويصفقون ، فنزلت : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " .
16036 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد : " إلا مكاء " ، قال : كانوا ينفخون في أيديهم ، و" التصدية " ، التصفيق .
[ ص: 525 ]
16037 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : " إلا مكاء وتصدية " ، قال : " المكاء " ، إدخال أصابعهم في أفواههم ، و" التصدية " التصفيق ، يخلطون بذلك على محمد صلى الله عليه وسلم صلاته .
16038 - حدثنا
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله إلا أنه لم يقل : " صلاته " .
16039 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد قال : " المكاء " ، إدخال أصابعهم في أفواههم ، و" التصدية " ، التصفيق . قال نفر من
بني عبد الدار ، كانوا يخلطون بذلك كله على
محمد صلاته .
16040 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا
أبو أحمد قال ، حدثنا
طلحة بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال : من بين الأصابع قال
أحمد : سقط علي حرف ، وما أراه إلا الخذف والنفخ والصفير منها ، وأراني
سعيد بن جبير حيث كانوا يمكون من ناحية
أبي قبيس .
16041 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق بن سليمان قال ، أخبرنا
طلحة بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير في قوله : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال : " المكاء " ، كانوا يشبكون بين أصابعهم ويصفرون بها ، فذلك " المكاء " . قال : وأراني
سعيد بن جبير المكان الذي كانوا يمكون فيه نحو
أبي قبيس .
16042 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
محمد بن حرب [ ص: 526 ] قال ، حدثنا
ابن لهيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15632جعفر بن ربيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن في قوله : " مكاء وتصدية " ، قال : " المكاء " النفخ وأشار بكفه قبل فيه و" التصدية " ، التصفيق .
16043 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا
المحاربي ، عن
جويبر ، عن
الضحاك قال : " المكاء " ، الصفير ، و" التصدية " ، التصفيق .
16044 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال ، أخبرنا
هشيم ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، مثله .
16045 - حدثنا
بشر قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال : كنا نحدث أن " المكاء " ، التصفيق بالأيدي ، و" التصدية " ، صياح كانوا يعارضون به القرآن .
16046 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : " مكاء وتصدية " ، قال : " المكاء " ، التصفير ، و" التصدية " ، التصفيق .
16047 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، و" المكاء " ، الصفير ، على نحو طير أبيض يقال له " المكاء " ، يكون بأرض الحجاز ، و" التصدية " ، التصفيق .
16048 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد في قوله : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال : " المكاء " ، صفير كان أهل الجاهلية يعلنون به . قال : وقال في " المكاء " ، أيضا : صفير في أيديهم ولعب . * * *
[ ص: 527 ]
وقد قيل في " التصدية " : إنها " الصد عن بيت الله الحرام " . وذلك قول لا وجه له ، لأن " التصدية " ، مصدر من قول القائل : " صديت تصدية " . وأما " الصد " فلا يقال منه : " صديت " ، إنما يقال منه " صددت " ، فإن شددت منها الدال على معنى تكرير الفعل قيل : " صددت تصديدا " . إلا أن يكون صاحب هذا القول وجه " التصدية " إلى أنه من " صددت " ، ثم قلبت إحدى داليه ياء ، كما يقال : " تظنيت " من " ظننت " ، وكما قال الراجز :
تقضي البازي إذا البازي كسر
يعني : تقضض البازي ، فقلب إحدى ضاديه ياء ، فيكون ذلك وجها يوجه إليه .
* ذكر من قال ما ذكرنا في تأويل " التصدية " .
16049 - حدثني
أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا
أبو أحمد قال ، حدثنا
طلحة بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، صدهم عن
بيت الله الحرام .
16050 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق بن سليمان قال ، أخبرنا
طلحة بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير : " وتصدية " قال : " التصدية " ، صدهم الناس عن البيت الحرام .
16051 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد ، في قوله : " وتصدية " ، قال : التصديد ، عن سبيل الله ، وصدهم عن الصلاة وعن دين الله .
[ ص: 528 ]
16052 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " ، قال : ما كان صلاتهم التي يزعمون أنها يدرأ بها عنهم "
إلا مكاء وتصدية " ، وذلك ما لا يرضى الله ولا يحب ، ولا ما افترض عليهم ، ولا ما أمرهم به . * * *
وأما قوله : "
فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " ، فإنه يعني العذاب الذي وعدهم به بالسيف يوم بدر . يقول للمشركين الذين قالوا : "
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " الآية ، حين أتاهم بما استعجلوه من العذاب " ذوقوا " ، أي اطعموا ، وليس بذوق بفم ، ولكنه ذوق بالحس ، ووجود طعم ألمه بالقلوب . يقول لهم : فذوقوا العذاب بما كنتم تجحدون أن الله معذبكم به على جحودكم توحيد ربكم ، ورسالة نبيكم صلى الله عليه وسلم . * * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك :
16053 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " ، أي : ما أوقع الله بهم يوم
بدر من القتل .
16054 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : "
فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " ، قال : هؤلاء أهل
بدر ، يوم عذبهم الله .
16055 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال ، سمعت
أبا معاذ قال ، حدثنا
عبيد بن سليمان قال ، سمعت
الضحاك يقول في قوله : "
فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " ، يعني أهل
بدر ، عذبهم الله يوم
بدر بالقتل والأسر . * * *
[ ص: 529 ]