القول في
تأويل قوله ( ولنجعلك آية للناس )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : (
ولنجعلك آية للناس ) أمتناك مائة عام ثم بعثناك .
وإنما أدخلت " الواو " مع اللام التي في قوله : (
ولنجعلك آية للناس ) وهو
[ ص: 474 ] بمعنى " كي " لأن في دخولها في كي وأخواتها دلالة على أنها شرط لفعل بعدها بمعنى : ولنجعلك كذا وكذا فعلنا ذلك . ولو لم تكن قبل " اللام " أعني " لام " كي " واو " كانت " اللام " شرطا للفعل الذي قبلها ، وكان يكون معناه : وانظر إلى حمارك ، لنجعلك آية للناس .
وإنما عنى بقوله : (
ولنجعلك آية ) ولنجعلك حجة على من جهل قدرتي ، وشك في عظمتي ، وأنا القادر على فعل ما أشاء من إماتة وإحياء ، وإنشاء ، وإنعام وإذلال ، وإقتار وإغناء ، بيدي ذلك كله ، لا يملكه أحد دوني ، ولا يقدر عليه غيري .
وكان بعض أهل التأويل يقول : كان آية للناس ؛ بأنه جاء بعد مائة عام إلى ولده وولد ولده ، شابا وهم شيوخ .
ذكر من قال ذلك :
5946 - حدثني
المثنى قال : أخبرنا
إسحاق قال : حدثنا
قبيصة بن عقبة ، عن
سفيان قال : سمعت
الأعمش يقول : ( ولنجعلك آية للناس ) قال : جاء شابا وولده شيوخ .
وقال آخرون : معنى ذلك أنه جاء وقد هلك من يعرفه ، فكان آية لمن قدم عليه من قومه .
ذكر من قال ذلك :
5947 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : رجع إلى أهله ، فوجد داره قد بيعت وبنيت ، وهلك من كان يعرفه ،
[ ص: 475 ] فقال : اخرجوا من داري قالوا : ومن أنت ؟ قال : أنا
عزير ! قالوا : أليس قد هلك
عزير منذ كذا وكذا ! ! قال : فإن
عزيرا أنا هو ، كان من حالي وكان ، فلما عرفوا ذلك ، خرجوا له من الدار ودفعوها إليه .
قال
أبو جعفر : والذي هو أولى بتأويل الآية من القول أن يقال : إن الله - تعالى ذكره - أخبر أنه جعل الذي وصف صفته في هذه الآية حجة للناس ، فكان ذلك حجة على من عرفه من ولده وقومه ممن علم موته ، وإحياء الله إياه بعد مماته ، وعلى من بعث إليه منهم .