190 - قال المفسرون : قدم وفد نجران ، وكانوا ستين راكبا ، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم ، العاقب : أمير القوم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلا عن رأيه ، واسمه : عبد المسيح . والسيد : ثمالهم وصاحب رحلهم ، واسمه الأيهم . وأبو حارثة بن علقمة أسقفهم وحبرهم ، وإمامهم وصاحب مدراسهم ، وكان قد شرف فيه ودرس كتبهم ، حتى حسن علمه في دينهم ، وكانت ملوك الروم قد شرفوه ومولوه ، وبنوا له الكنائس لعلمه واجتهاده ، فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلوا مسجده حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات جباب وأردية في جمال رجال بني الحارث بن كعب ، يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما رأينا وفدا مثلهم ، وقد حانت صلاتهم ، فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دعوهم . فصلوا إلى المشرق . فكلم السيد والعاقب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أسلما ، فقالا قد أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما ، منعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير ، قالا إن لم يكن عيسى ولدا لله ، فمن أبوه ؟ وخاصموه جميعا في عيسى ، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم - : ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا [ وهو ] يشبه أباه ؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت ، وأن عيسى يأتي عليه الفناء ؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يحفظه ويرزقه ؟ قالوا : بلى ، قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا ؟ قالوا : لا ، قال : فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء ، وربنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث . قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ، ثم غذي كما يغذى الصبي ، ثم كان يطعم ويشرب ويحدث ؟ قالوا : بلى ، قال : فكيف يكون هذا كما زعمتم ؟ فسكتوا فأنزل الله عز وجل فيهم صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها .