الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسباب النسيان وضعف الإدراك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 30 عامًا، أعاني أحيانًا من نوبات نسيان، وضعف في الإدراك، وقد لاحظت مؤخرًا ازدياد هذه الحالة بشكلٍ طفيفٍ، عند الاستيقاظ من النوم، أجد صعوبة في تذكر بعض الأمور الأساسية، ككيفية أداء الوضوء، أو بماذا أبدأ أولًا، أو كم عدد ركعات الصلاة، وماذا أقول فيها؟!، أحتاج إلى دقيقة أو دقيقتين بعد الاستيقاظ، حتى أسترجع هذه المعلومات.

أما خلال النهار، فقد أواجه أحيانًا صعوبة في فهم الأسئلة، أو الكلام الموجه لي، حيث أسمع الكلمات، لكن لا أستوعب معناها مباشرة، وهذه الحالة تحدث نادرًا، كما أنني أحيانًا أنسى تمامًا بعض الأحداث التي يخبرني بها الأهل، كأنها لم تمر بي إطلاقًا، رغم تأكيدهم على حدوثها.

أرجو منكم إفادتي، ما سبب هذه الأعراض؟ وهل من المحتمل أن تتفاقم مستقبلًا؟ وما العلاج المناسب؟ وهل لطقطقة الرقبة علاقة بهذه الحالة؟ وهل من الممكن أن يكون لمرض "الأبنيا" دور في ذلك؟

أرجو إفادتي، وجزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن النسيان وسوء التركيز قد ينتج من عدة أسباب؛ فهنالك أسباب عضوية، وهنالك أسباب نفسية، فالأسباب العضوية لا نشاهدها كثيرًا في مثل عمرك، فهي من الأمراض التي قد تصيب كبار السن؛ حيث إن ضعف الذاكرة هو المكون الرئيسي لمرض الخرف عند كبار السن، وفي بعض الحالات يكون سببه تصلب الشرايين، كما نشاهد ذلك عند مرضى السكر، أو قد يكون بسبب ارتفاع ضغط الدم، أو زيادة الدهنيات في الدم، قد تكون هي سبب ضعف الذاكرة، كما أن بعض الأمراض، مثل: عجز الغدة الدرقية، ونقصان فيتامين (B12)، وكذلك حمض الفوليك، هي بعض الأسباب العضوية الأخرى، التي تسبب النسيان وضعف الذاكرة.

أما الأسباب النفسية فهي كثيرة، وأهمها القلق النفسي، والاكتئاب النفسي، والحالة التي وصفتها من وجهة نظري ناشئة من قلق، وهذا القلق من النوع البسيط، -إن شاء الله-، وطابع القلق الذي تعانين منه يحمل أيضًا صفات الوساوس، بمعنى أنه مرتبط بأوقات معينة، وفي أوضاع معينة، وبطريقة معينة، هذه النمطية نشاهدها لدى الذين يعانون من الوساوس، وهنالك عمليات نفسية على مستوى العقل الباطني، نشاهدها عند الأشخاص الذين يميلون إلى الكتمان وعدم التعبير عن الذات؛ مما ينتج عنه نوع من النكوص أو الرجوع النفسي، وهذا قد يظهر في شكل نسيان، أو عدم تذكر أحداث معينة، لا يريد الإنسان أن يجعلها تظهر على مستوى الشعور أو العقل الظاهري.

إذًا حالتك بسيطة، ويجب ألا تشكل هاجسًا أو همًّا بالنسبة لك؛ لأن الانشغال بها، سوف يزيد القلق، وهذا سوف يتأتى منه زيادة في الحالة.

أنت ذكرت أنك كنت مصابة بمرض الأبنيا، فهل له دور في ذلك؟
مرض الأبنية هو انقطاع النفس في أثناء النوم -إذا كان هذا هو المقصود- فلا أعتقد أن لهذا المرض علاقة أساسية لهذا الأمر، ولم أسمع أن مرضى انقطاع النفس يحدث لهم مثل هذا الأمر، كما أن لا علاقة لطقطقة الرقبة بذلك، من وجهة نظري، فالأمر أيضًا يحتاج لفحوصات بسيطة، والذي أنصحك به هو أن تقومي ببعض الفحوصات، للتأكد من نسبة الدم مثلًا، وكذلك فحص هرمون الغدة الدرقية، وفيتامين (B12)، وحمض الفوليك، هذه فحوصات بسيطة، وإن وجد هنالك أي نقص في أحد هذه المكونات، فسوف يقوم الطبيب بإعطائك العلاج اللازم، والعلاج بصفة عامة يتكون من التالي:

1- عدم الانشغال أو التركيز على هذه الحالة، ومحاولة تناسيها.
2- ممارسة التمارين الرياضية، أي نوع من الرياضة تناسبك.
3- ممارسة تمارين الاسترخاء.
4- حاولي أن تلجئي إلى التكرار، أي تكرار المعلومات أو الأفعال بقدر المستطاع؛ لأن ذلك سوف يجعلك تكونين أكثر تركيزًا.
5- أنصحك بتلاوة القرآن بتدبر وتأمل؛ لأن في الذكر تذكرة وطردًا للنسيان -إن شاء الله-.

إذا كنت فعلًا تحسين بدرجة من القلق؛ فأنصحك بتناول العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (تفرانيل TOFRANIL)، ويعرف علميًا باسم (امبرمين IMIPRAMINE)، تناوليه بجرعة 10 مليجرام يوميًا في الصباح لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى 25 مليجرام يوميًا لمدة 6 أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى 10 مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، علمًا بأنه من الأدوية السليمة والممتازة.

حاولي أيضًا أن تعبري عما بداخل نفسك، وتواصلي مع الآخرين، وزيدي من اطلاعاتك ومن قراءاتك، كل هذه -إن شاء الله- محفزات ومشجعات على حسن التذكر وزيادة التركيز.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً