الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما احتلمت ألاحظ ازديادًا ملحوظًا في شدة التأتأة!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر عشرين عاماً، أعاني من التأتأة منذ الصغر، وأرجو منكم الدعاء لي بالشفاء، مشكلتي الرئيسية ليست في التأتأة نفسها، بل في علاقتها بموضوع آخر، وهو الاحتلام.

كلما احتلمت، ألاحظ ازديادًا ملحوظًا في شدة التأتأة؛ مما يسبب لي إحراجًا كبيرًا في التواصل مع الآخرين، وكلما بدأت أتحسن في الكلام وتخف التأتأة، يحدث لي الاحتلام، فتعود التأتأة بشكل أقوى، وهذا الأمر يصيبني بالإحباط الشديد، بل يصل إلى الاكتئاب، وفقدان الأمل في الشفاء أحيانًا.

ليس ذلك فحسب، بل تظهر لي حبوب في الوجه، ويصاحبها ألم في أسفل الظهر، وهذه الأعراض تظهر غالبًا بعد الاحتلام بثلاثة أو أربعة أيام (بالنسبة للتأتأة)، أو بعد أسبوع تقريبًا (بالنسبة للحبوب والألم).

كما أعاني من الرهاب الاجتماعي، وهو ما يزيد الأمور صعوبة بالنسبة لي.

سؤالي: ما علاقة الاحتلام بهذه الأعراض: التأتأة، والحبوب، وآلام الظهر؟

مع أني قرأت أن الاحتلام هو نعمة من الله سبحانه وتعالى لتفريغ الشهوة الزائدة، ولا يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي، فلماذا تحدث لي هذه العوارض تحديدًا بعده؟

ملاحظة: اطلعتُ على عدد من استشاراتكم حول استخدام الأدوية النفسية لعلاج التأتأة، لكن أغلب هذه الأدوية لا تُصرف في الدولة التي أعيش بها إلا بوصفة طبية.

أرجو منكم توجيهي ومساعدتي، وجزاكم الله كل خير، ونسأل الله أن يجعل ما تقدمونه في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبداية أقول: (رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي)، فكما تعرف أن التأتأة تكثر وسط الذكور، وهي غالبًا ما تكون مرتبطة بشيء من القلق والتوتر النفسي، ولكن هذا القلق والتوتر لا يصل إلى المرحلة أو الدرجة المرضية، إنما يكون مجرد أعراض بسيطة نشخصها تحت الظواهر النفسية وليست الأمراض النفسية.

الارتباط بين التأتأة والاحتلام لا أجد له أي تفسير، غير أنك حين تحتلم ربما تشعر بشيء من القلق، ويظهر أن منظومة القيم الضميرية العالية لديك قوية، وكما يقولون ربما تكون أيضًا (الأنا العليا) لديك قوية جدًّا، والأنا العليا هي الضمير أو الجزئية التي تتحكم في ضمائرنا.

هذا كله علامة خير وعلامة التزام من جانبك، وكثير من الناس يتحرج من الاحتلام، بالرغم من أنك ذكرت أنه نعمة وأنه لتنفيس وتفريغ هذه الشهوة الزائدة دون أن يقع الإنسان فيما هو محرم أو محظور.

إذن من وجهة نظري –وهذه وجهة نظر شخصية–: أن الاحتلام تولد عنه قلق بالنسبة لك، وهذا القلق ربما يكون ليس بالقلق الظاهر، إنما هو قلق مقنع في داخل نفسك، وحين يتكون هذا القلق ويحتقن يؤدي إلى التأتأة؛ لأن العلاقة بين التأتأة ووجود القلق هي علاقة وثيقة ومعروفة جدًّا.

أما بالنسبة للحبوب فهي مرتبطة بالزيادة الهرمونية التي تحدث لبعض الشباب، فأنت في هذه السن لا شك أن الكثير من الهرمونات –خاصة هرمون الذكورة– تكون في قمة نشاطها وإفرازها، وهي التي تسبب ظهور هذه الحبوب، وهذه الحبوب يعرف أنها تظهر في شكل دوري، وذلك حسب نسبة إفراز الهرمون كما ذكرت لك.

بالنسبة لآلام الظهر لا أجد لها تفسيرًا غير أنها ربما تكون ناتجة من الاحتقانات المنوية التي تصاحب الاحتلام لدى بعض الناس.

حين يحصل إنزال للمني قد يظل منه بعضه في الحبل المنوي أو في مقدمة السبيل أو شيء من هذا القبيل، وهذا ربما يؤدي إلى بعض الاحتقانات وهذا قد يسبب ألمًا.. هذه تفسيرات أتمنى أن تكون هي الأقرب إلى الصواب.

بالنسبة للرهاب الاجتماعي الذي ذكرته؛ لا شك أنه تشخيص هام إذا كنت تقصد الرهاب الاجتماعي بمعاييره العلمية المعروفة، وهي أن يحس الإنسان بقلق وخوف شديدين في موقف اجتماعي عادي.

هذا إذا كان هو وضعك – أي أنك مصاب برهاب اجتماعي حقيقي –، وهذا أيضًا دليل على قوة وشدة القلق لديك، ولا شك أن ذلك سوف يزيد من التأتأة، إذن الذي أقوله لك هو أن تتجاهل هذه الأعراض بقدر المستطاع.

الأدوية تفيد بالنسبة للتأتأة؛ لأنها تقلل القلق، وأنا أعتقد أنك في حاجة لدواء يعالج القلق والرهاب والخوف الاجتماعي في نفس الوقت، وعقار زيروكسات Seroxat أو ديروكسات Deroxat هو الأفضل.

هذا الدواء يعطى في الكثير من الدول دون وصفة طبية، والجرعة التي تحتاجها هي حبة واحدة في اليوم، تبدأ بتناول نصف حبة أولاً، ونصف الحبة تحتوي على عشرة مليجرام، تناولها بعد الأكل، يفضل أن يكون تناولها مساءً، استمر عليها لمدة عشرة أيام، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة مرة واحدة كل يومين لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

الزيروكسات دواء ممتاز وفعال، ويزيل الخوف، ويعطي شعورا بالطمأنينة، ويعرف عنه أنه يقلل من الإنزال المنوي دون أن يؤثر على قدرة الرجل على الإنجاب أو على ذكورته، فابدأ هذا الدواء، وسوف تجد فيه خيرًا كثيرًا بإذن الله.

وأنصحك أيضاً بأن تتدرب على ما يعرف بتمارين الاسترخاء، ويمكنك أن تتحصل على كتيب من إحدى المكتبات المعروفة للتدرب على تمارين الاسترخاء، أو يمكنك التواصل مع أخصائي نفسي وليس طبيبًا نفسيًا؛ ليقوم بتدريبك على هذه التمارين.

أرجو أن لا تفرض رقابة لصيقة على نفسك حين تتحدث، هذا مهم جدًّا، كن عفويًا وتلقائيًا بقدر المستطاع، تكلم ببطء – هذا مهم جدًّا – وإذا كانت هناك حروف معينة تجد في نطقها صعوبة، أرجو أن تكرر هذه الحروف لوحدك ويمكنك أن تختار كلمات تبدأ بهذه الحروف وتكررها، ثم كلمات أخرى تكون هذه الحروف في منتصفها، ثم مجموعة ثالثة من كلمات يكون الحرف الذي تجد صعوبة في نطقه في آخرها، وهكذا، ويمكنك إدخال هذه الكلمات في جمل.

لا شك أن ترتيل القرآن الكريم بروية وتؤدة وتجويد يساعد على طلاقة اللسان، والمشايخ يساعدون كثيرًا في تعلم تلك الحروف وتعليم إخراجها من مخرجها الصحيح، حيث يوجد علم اسمه -علم التجويد-.

بقي أن أقول لك: إن ممارسة الرياضة أيضًا سوف تفيدك من نواحي كثيرة جدًّا؛ فهي تقلل من القلق والتوتر، وإن شاء الله تزيل هذا الألم وهذه الاحتقانات التي تعاني منها إن كانت نفسية أو عضوية.

إذا كانت هنالك إمكانية للتواصل مع أخصائي التخاطب؛ أعتقد أن ذلك سوف يكون أيضًا مفيدًا؛ لأن أخصائي التخاطب يقوم أيضًا بتمرين الإنسان على كيفية إخراج الحروف وكيفية التنفس وعلاقة ذلك مع الكلام.

أعتقد إن شاء الله أنك بتطبيقك لهذه الإرشادات البسيطة وتناول الدواء الذي وصفته لك؛ سوف تجد أن حالتك قد تحسنت.

ختاماً: نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب. وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً