الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد إيقاف العلاج النفسي أصبحت شديد الحساسية والغيرة.. أرشدوني

السؤال

الإخوة القائمون على موقع الاستشارات في إسلام ويب المحترمون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابتُليتُ قبل نحو سنتين باضطراب Dysthymia (عُسر المزاج)، كما شرحه لي الطبيب -حفظه الله-، ووصف لي علاج لوسترال (Lustral)، بجرعة حبة يوميًا لمدة 9 أشهر.

كنتُ شديد الحساسية، وخجولًا جدًا، وكنت انطوائيًا، ومتذمرًا من حياتي، ولا أشعر بالمتعة مثل أقراني، والسبب في ذلك يعود إلى أنني كنت متفوقًا في الجامعة، وحصلت على أعلى معدل، لكنني عُيّنت في وظيفة لا تناسب مؤهلاتي.

ما زاد من حالتي سوءًا هو أن زملائي الذين كانت معدلاتهم ضعيفة جدًا، حصلوا على مناصب أعلى مني في نفس جهة العمل، مما أصابني بإحباط شديد.

علماً بأني بعد استخدام الدواء، ومع القناعة بما كتبه الله لي، تحسن مزاجي بشكل كبير، -ولله الحمد- لكن بعد التوقف عن العلاج لمدة 4 أشهر، بدأتُ أشعر بالعودة التدريجية لنفس الحالة، ولكن بشكل أقل حدة.

الأعراض التي عادت بعد التوقف عن العلاج هي أني أشعر بالعصبية الشديدة، وأصبحتُ شديد الغيرة، ومفرط الحساسية، حتى إني أفهم الكلام بأكثر من معنى، ولم أعد حنونًا على ابني، رغم أنني أبتعد عنه لمدة 7 أيام بسبب ظروف العمل.

زوجتي لاحظت تغيّري، وأخبرتني بأنني لم أعد كما كنت، ولكن بحدة أقل من الفترة التي سبقت العلاج.

أتمنى منكم إيجاد الحل المناسب لحالتي، وأعلم -إن شاء الله- أنكم أقدر بعد الله على النظر في مشكلتي، وتقديم النصيحة المناسبة.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الطامح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن مصطلح (Dysthymia) هو أحد التشخيصات المعترف بها، ولا بد أن نوضح ذلك، وإن كان هناك الكثير من الخلاف حول هذا المصطلح، والذي يعني ببساطة أن الإنسان يعاني من درجة يمكن أن نسميها يسيرة إلى متوسطة من عسر المزاج المستمر، بمعنى أن عسر المزاج هذا يكون جزءاً من البناء النفسي للإنسان، وفي نفس الوقت لا يصل لمرحلة الاكتئاب الحاد أو الشديد أو المطبق، ولكن في بعض الأحيان قد تحدث للشخص الذي يعاني من الـ (Dysthymia) نوبات اكتئابية حادة، وهنا يطلق المختصون على مثل هذه الحالة (الاكتئاب المزدوج)، وبعد أن يُعطى العلاجات المضادة للاكتئاب تتحسن هذه الحالات بصورةٍ جيدة.

لا أريد أبداً أن تشغل نفسك بهذا المسمى، فكما ذكرت لك هو مذكور في الأنظمة التشخيصية: النظام الأمريكي الإحصائي للأمراض النفسية، وكذلك النظام العالمي رقم عشرة، ذكر فيها هذا التشخيص، ولكن الآراء ليست مجمعة على حقيقته.

عموماً لا مانع من أن تستمر على الدواء لفترة أطول؛ لأن الدواء في مثل هذه الحالة يمثل وقاية أكثر مما هو علاج، حتى الإنسان إذا استمر عليه لفترة أطول ليس هناك إشكال في هذا؛ لأن هذه الأدوية هي أدوية سليمة وجيدة، والإنسان لا يحتاج إلا لجرعات بسيطة منها، حبة أو حبتين في اليوم، وليس أكثر من ذلك.

ابدأ على بركة الله في تناول الدواء مرةً أخرى، ولنقل تناوله لمدة عام هذه المرة، وهذه ليست مدة طويلة أبداً، وفي نفس الوقت أريدك أن تنظر إلى نفسك نظرة إيجابية، و-الحمد لله- فأنت لديك أشياء طيبة وجيدة وجميلة في حياتك، ويجب أن تستثمرها، ويجب أن تتأمل فيها بشكل موضوعي؛ لأن الاكتئاب دائماً يتصيد الناس من خلال التفكير السلبي والأفكار المشوهة، ومن ثم يأتي عسر المزاج.

حاول أن تقطع الطريق على الاكتئاب في ما يخص التفكير السلبي، وحاول أن تجعل حياتك مفعمة بالنشاط وبالحيوية، وبالإنتاج، وبالتواصل الاجتماعي، ومواصلة الرياضة، وإدارة الوقت بصورة جيدة، وأن تقلل من شدة الحساسية، وأن تعبر عن ذاتك بما هو مقبول، وأن تتواصل مع الناس؛ لأن أفضل وسيلة لعلاج الانطوائية هي أن تتواصل مع الناس، ابدأ بداياتٍ بسيطة بأن تخالط أهلك وأقربائك وجيرانك والمصلين في المسجد، فهذه مجموعات يطمئن لها الإنسان كثيراً، ولا يحس غالباً بشيء من الحرج أو الخجل أمامها، ومن ثم حاول أن توسع من شبكتك الاجتماعية والمهارية، وأعتقد أن لك القدرة على ذلك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً