الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أضرار المشروبات الغازية على صحة الإنسان

السؤال

سمعنا الكثير من الأطباء وخاصة المختصين في أمراض الكلى وهم يمنعون مرضاهم من شرب البيبسي والكوكا كولا لاحتوائها على المادة السوداء (البيبسين) والتي تضر بالكلى وبجدار المعدة، وأيضاً يحذرون الناس بالعموم منها لأضرارها.
فهل ندخل بالقياس حكم هذا المشروب وأشباهه ضمن قوله تعالى: ((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ))[المائدة:4].
وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)؟

أي أنه مثل الدخان الذي لا يضر من سجارة ولا عشرة وإنما على الاستمرار والمداومة سيفتك بصحة شاربه ويؤدي به للموت؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Theartist حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد كتبت أنا مقالة في مجلة العربي الكويتية وتم نشرها في عدد مارس ( اذار ) 1998 وأورد لك كل المقالة كما يلي:
كثرت المشروبات الغازية في الآونة الأخيرة وتنوعت ألوانها وطعمها وأضحت واسعة الانتشار ويزداد استهلاكها بشكل كبير يومياً فهل لها من أضرار خاصة على أطفالنا؟
دخلت المشروبات الغازية كل البلدان الفقيرة والغنية عل حد سواء، وأخذت تحتل مكاناً يصل أحياناً بدلاً من ماء الشرب في كثير من المطاعم والبيوت وحتى في الرحلات تقدم للركاب، وأصبح هناك ماكينات آلية تجدها أمامك في كل الأماكن حتى في الدوائر الرسمية، حتى أن البيوت أخذت تجلبها بكميات كبيرة مثلها مثل بقية الأطعمة، وأضحى الأطفال يتناولونها طيلة أوقات النهار، وأحياناً دون وجبة الطعام، وأصبح عسيراً على أولياء الأمور صرف نظر أطفالهم وإبعادهم عنها حتى استعاض العديد من الأطفال بهذه المشروبات عن وجبات طعامهم.
وقد ازداد إنتاج هذه المشروبات مما يعني ازدياداً أكبر في استهلاكها، ولعل السبب في ذلك يعود إلى الدعاية الضخمة التي تقوم بها الشركات المصنعة؛ حيث يتم التركيز في الدعاية على فئة الشباب، واستخدام تعابير خاصة مثل المتعة والإنعاش وإطفاء العطش.
• كوكايين وكافيين:
يعود إنتاج المشروبات الغازية إلى القرن السابع عشر، حيث تم إضافة الصودا والكربونات للماء وسميت بماء الصودا، وتطورت صناعة المشروبات الغازية بعد ذلك بإضافة المواد المحللة ثم المواد ذات النكهة.
وتتركب المشروبات الغازية من الماء الذي يتعرض للشوائب، ثم يعامل هذا الماء بطريقة خاصة لإدخال ثاني أكسيد الكربون الذي يعطي هذه المشروبات خاصية الفوران وظهور الفقاقيع والطعم النافذ المميز ويمنع عطب المشروبات وتضاف لها المواد التي تعطيها النكهة وتحليها.
وهذه المواد هي مزيج من السكر والأحماض مع مواد نكهة ومواد ملونة، ومن الأحماض المستخدمة في تركيب المشروبات الغازية حمض الستريك وحمض الفسفوريك وأحماض أخرى تعطي الطعم اللاذع.

أما المواد النكهة فهي إما عصير فواكه أو زيوت من الفواكه أو زيوت من جذور أوراق بعض النباتات.

وتستخدم نكهة من جوز الكولا الذي يحتوي على مادة الكافيين وتضاف المواد الملونة الغذائية لإعطاء المشروبات لوناً خاصاً.

وقد أجريت دراسة في إحدى الجامعات الأمريكية لمعرفة كمية الكافيين في المشروبات الغازية المتوفرة في الأسواق الأمريكية؛ ووجد أن هذه المشروبات تحتوي على الكافين، وتتراوح كميتها في العلبة الواحدة ما بين 30-50ملغم تقريباً في عبوة 330 ملغم من الكولا، بينما كان محتوى الكافيين في الكولا التي تباع في المطاعم أكثر من ذلك وهذه الكمية تعادل كمية الكافين الموجودة في فنجان القهوة.
وقد كثر اهتمام الباحثين بأثر هذه المشروبات في صحة الإنسان خاصة بعد أن ازداد استهلاك الفرد في اليوم.
وأظهرت بعض المؤشرات الصحية أن كثرة تعاطيها قد يسبب آثاراً مرضية على المدى البعيد، ولذا كان واجباً من المهم التعرف على هذه الدراسات.
• من أين يأتي الأرق؟
إذا عدنا إلى محتوى المشروبات من الكافيين نجد أنها ليست كمية يمكن إهمالها، لهذا ينبغي معرفة كمية الكافيين في المشروبات، خاصة مرضى القلب والقرحة والتهاب المريء وحموضة المعدة.
فليس غريباً أن نلاحظ أن الأطفال يصابون بالأرق بعدما يشربون هذه المواد الغازية في المساء، وما ذلك إلا لوجود الكافيين المنبهة للأعصاب. وغير ذلك فإن مادة الكافيين تسبب الصداع واضطرابات هضمية.
وفي دراسة لإحدى الجامعة الأمريكية تبين أن هناك زيادة في شكوى الناس من زيادة حموضة المعدة بعد تناول المشروبات الغازية.

وللخاصية الحمضية لهذه المشروبات آثار أخرى خاصة على تسوس الأسنان، وأن هناك علاقة واضحة بين التسوس وزيادة تناول المشروبات الغازية التي تحتوي على حامض الستريك أو الفسفوريك، لذلك أوصى الباحثون على ضرورة الإقلال من هذه المشروبات خاصة للأطفال.
من هنا يتضح أهمية إسداء النصيحة للآباء الذين يودون المحافظة على أسنان أطفالهم بمراقبة المشروبات التي يتعاطاها الصغار والإقلال من المشروبات الغازية، خاصة أن هذه المشروبات تحتوي على السكريات، وهذه من شأنها أن تكون عاملاً آخر يساعد في زيادة تنخر الأسنان.
وكثيراً ما نسمع أن هذه المشروبات الغازية تساعد عملية الهضم خاصة عندما يشكو أحدنا من تلبك في البطن أو تخمة، فنجد من يصف لك إحدى المشروبات الغازية مقنعاً إياك بأنها تخفف أو تزيل ذلك التلبك والتخمة فماذا يقول العلم في هذا؟!
إن غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في هذه المواد الغازية المسئول عن إحداث الفقاقيع فيها يتجمع في المعدة ويعطي نوعاً من الشعور بالانتفاخ وإذا ما أجريت صوره إشعاعية للبطن نجد أن هذه الغازات تتجمع في أعلى المعدة وكثيراً ما يسبب هذا ألماً في أعلى البطن قد يشبه ألم الذبحة الصدرية، وخاصة إذا نام المريض على ظهره وتعذر إخراج هذه الغازات عن طريق التجشؤ، وكثيراً من الأحيان تمر هذه الغازات إلى الأمعاء وتحدث انتفاخاً في كل البطن وقد تمر إلى أعلى الجزء الأيسر من القولون ويعطي ذلك شعوراً بالانتفاخ في تلك المنطقة ولا يرتاح المريض إلا إذا أخرج هذه الغازات.
وقد أجريت دراسة في الجامعات الأمريكية على أثر المشروبات الغازية على إفراغ الطعام من المعدة على ثمانية متطوعين أصحاء عن طريق إعطائهم مشروبات غازية ووجبة طعام فيها مادة مشعة لمتابعة وجبة الطعام في المعدة وحساب زمن إفراغ المعدة، وكانت نتيجة الدراسات أن المشروبات الغازية لا تزيد من حركة المعدة ولا تزيد من إفراغ المعدة من الطعام بل تغير توزيع الطعام داخل المعدة، حيث أن غاز ثاني أكسيد الكربون يرتفع إلى أعلى المعدة مما يدفع بالطعام والسوائل إلى أسفل المعدة في وضعية الجلوس وبالتالي فإن هذه المشروبات لا تريح التلبك الهضمي.
• تكســـير العظـــام:
قامت مجموعة من الأطباء ببحث موضوع علاقة كثرة تعاطي المشروبات الغازية التي يتناولها الأطفال في سن المدرسة مع نسبة حدوث الكسور، ووجد أن هناك رابطاً قوياً بين زيادة الاستهلاك من المشروبات مع زيادة نسبة حصول كسور العظام عند البنات بعد الرضوض. ولم يثبت أن هناك ارتباطاً بين استهلاك المشروبات الأخرى غير الكولا ونسبة الكسور.

وقد تبين من هذه الدراسات أن تناول كمية كافية من الكالسيوم تقي زيادة نسبة حصول الكسور، واستنتج الباحثون من هذه الدراسات أن زيادة تناول الحليب عند طلبة المدارس له أهمية كبيرة عند الفتيات خاصة أنهن يتعرضن لمرض هشاشة العظام عند التقدم بالسن.

وقد ربط الأطباء هذه الظاهرة بوجود حمض الفسفوريك في المشروبات الغازية وقلة تناول الكالسيوم الموجود في مشتقات الحليب، ووجد أن زيادة استهلاك الفسفور دون تعويض الكالسيوم يؤدي إلى نقص في تكلس العظام وبالتالي إلى هشاشة في العظام، فإذا تناول الطفل كمية 1,5 لتر في الأسبوع من المشروبات تحتوي على الفسفوريك يؤدي إلى نقص الكالسيوم في الدم.

وأن زيادة الفسفور في المواد الغذائية يؤدي إلى نقص الكالسيوم في الدم، ووجد أن نسبة الكالسيوم قد انخفضت بنسبة أكبر كلما زاد استهلاك المشروبات الغازية المحتوية على حمض الفسفوريك.

وقد تم متابعة مجموعة من الأطفال بعد أن طلب من أولياء أمورهم أن يمنعوا الأطفال من تناول المشروبات الغازية لمدة شهر فوجد أن نسبة الكالسيوم في الدم المنخفضة قد ارتفعت، أما الفسفوريك المرتفع فقد عاد إلى الحدود الطبيعية.

من هنا نجد الأثر السلبي لهذه المشروبات الغازية في الطعام والأسنان عند الأطفال، وهذا أمر يجب أن لا يفعله أولياء الأمور.
• حـــــــدود الإدمـــــــان:
قد يتساءل البعض حول حدود الكمية التي يمكن أن نسمح بها لأطفالنا ولأنفسنا بتناولها دون أن يكون لها أثر ضار.

من الصعوبة وضع حدود فاصلة للكمية التي يمكن تناولها يومياً دون أثر سلبي وذلك لاحتواء المشروبات على الكافين الذي يمكن أن يكون له أثر سلبي على مرضى القلب حتى لو تناول عبوة واحدة يومياً.

ولعل الشيء الذي يخشاه العديد أن يستعيض الأطفال بهذه المشروبات عن تناول المواد الغذائية الضرورية مثل الحليب وقلة الطعام أو الاستغناء كاملاً عن الوجبة وذلك بسبب ما تحدثه المشروبات من الشعور بالامتلاء والانتفاخ في البطن.

وأخيراً نقول أنه لا يطفئ العطش شراب مثل الماء.

( د.محمد حمودة / انتهت المقالة)

فكما ترى فهي ليست من الطيبات، فليس لها أي فائدة، وبالنسبة لي فهي كالتدخين، وصحيح أن التدخين ضرره يزيد كلما امتدت فترة التعرض له، فلا تنس أنك تعرض نفسك وأطفالك ومن حولك للضرر في تدخين السجائر، بالإضافة إلى أنك تشتري هذه السجائر وتدفع ثمنه، وبعضهم يحرم أولاده من الخبز لكي يشتري السجائر، وليس لها فائدة، وفي كثير من بلدان العالم تم منع بيع المشروبات الغازية في المدارس الابتدائية بسبب أضرارها، وكما تعلم فإن الشركات المصنعة تدفع الملايين من الدولارات على الدعايات للنجوم ونجوم الكرة لكي تروج بضاعتها، وقد نجحت! وإذا كان هناك من يعتبر أن هذه طيبات فستنجح أكثر.
وإنني واثق من أن ما يضر الإنسان حتى ولو على المدى البعيد ليس من الطيبات التي جاء ذكرها في قوله تعالى: ((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ))[المائدة:4].
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً