الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا دائم التوتر وأريد الكمال في كل شيء...ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من عمر الشباب وأنا شخص خجول، ولدي أعراض الرهاب الاجتماعي في مواجهة الناس وفي المناسبات، خاصة إذا كانت الأنظار موجهه إلي، وحساس جدا.

لدي زوجة وخمسة أبناء، لكني دائم التوتر وأريد الكمال في كل شيء! منذ عشر سنوات كنت ذاهبا في سفر بالسيارة، وكنت متوترا، وأحسست بحالة من الهلع بأنني سوف أموت، وحصل عندي تشنج في عضلات البطن واليدين وكأنني سوف يغمى علي، ولم أستطع إكمال القيادة.

منذ ذلك الحين أصبحت لدي عقدة من القيادة لوجدي في المسافات البعيدة مما حرمني وعائلتي من متعة السفر أو قضاء حوائجي من المدن الرئيسية لبعد المسافة.

أريد حلا فرج الله عنكم كل كرب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مشعل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الرهاب الاجتماعي يبدأ كقلق نفسي بسيط، ثم بعد ذلك يتطور، خاصة إذا لم يقم الإنسان باتخاذ الآليات العلاجية الضرورية وهي المواجهة وتجاهل الرهاب الاجتماعي.

أنا أؤكد لك أن الحالة ليست حالة صعبة أو مقعدة، لكن يجب أن تعالج.

الرهاب الاجتماعي في مثل عمرك كثيرًا ما يكون مرتبطًا بشيء من الوساوس، وأنت وصفت ذلك بأنك دائم التوتر وتريد الكمال في كل شيء، هذه صفات وسواسية، وبعض الناس يأتيهم اهتزاز في الثقة في ذواتهم، وربما يؤدي هذا إلى تعكر وعسر في مزاجهم.

الآن -بفضل من الله تعالى- هذا النوع من المخاوف يعالج بصورة ممتازة جدًّا، خاصة عن طريق الأدوية المضادة للمخاوف والوساوس والمحسنة للمزاج، والحمد لله تعالى الأدوية ذات فعالية وذات سلامة كاملة.

الدواء الذي أنصح به في حالتك العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت) واسمه التجاري الآخر هو (لسترال) واسمه العلمي هو (سيرترالين) يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً، وقوة الحبة هي خمسون مليجرامًا، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين في اليوم، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في المساء، أو تقسم الجرعة إلى حبة صباحًا وحبة مساءً، وهذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة في حالات الرهاب الاجتماعي ومخاوف السفر.

يجب أن تستمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفضها إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، وهذه هي الفترة الوقائية، بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية السليمة والفعالة، وليس له آثار جانبية مزعجة، غير أنه ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي قليلاً لدى بعض الرجال، لكنه لا يؤثر على هرمون الذكورة أو الإنجاب، وهو دواء سليم جدًّا فيما يخص الكبد والكلى والقلب وكل الأعضاء الرئيسية في الجسم، وغير إدماني.

إن شاء الله تعالى سوف تحس بفعالية الدواء بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع من بداية العلاج، ولا بد أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الجرعة في وقتها وبالكمية المحددة؛ لأن هذا هو العامل الرئيسي في نجاح الدواء، حيث إن الدواء فائدته مستقاة من البناء الكيميائي من خلال التأثير على منظومة كيميائية في الدماغ تسمى بالمستقبلات أو الموصلات أو الناقلات العصبية.

أخي الكريم: احرص على التطبيق العلمي للأسس العلاجية التي ذكرناها حتى تجني فائدته بإذن الله تعالى.

الأمر الثاني: هو أن تتجاهل هذه المخاوف بقدر المستطاع، وأن تعرف أنها مبالغ فيها كمشاعر، فنوبات الهلع، وتسارع ضربات القلب، هذه كلها تغيرات فسيولوجية مبالغ فيها، وتجاهلها حقيقة هو إحدى وسائل العلاج الجيدة جدًّا، مثلاً أنت ذكرت التشنج في عضلات البطن واليدين، وهذه مجرد انقباضات عضلية لا تصل لمرحلة التشنج، فتحقير مفهوم الخوف وما يتعلق به مهم جدًّا.

عليك أن تكثر من المواجهات، فمثلاً بالنسبة لقيادة السيارة لا تتجنب ذلك، ابدأ بمسافات قصيرة، ثم قم بزيادة هذه المسافات، كن حريصًا جدًّا على دعاء السفر والركوب، وحين تقرأه بتدبر وتمعن وتعرف أنك في معية الله هذا -إن شاء الله- يساعدك كثيرًا، وهذا أمر قد جربناه.

هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، مفيدة جدًّا، فأرجو أن تتدرب عليها، ويمكنك أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي تساعد في تطبيق هذه التمارين، حيث إنها جيدة ومفيدة كما ذكرت لك.

من الضروري جدًّا أن تحرص على حضور التجمعات المطمئنة، كصلاة الجماعة في الصف الأول، وحضور حلقات التلاوة والذكر والعلم، ومشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم، وهذه نوع من التواصل الاجتماعي الجيد والطيب والجميل والذي يرفع من مهارات الإنسان، وإن شاء الله لك أجر على هذا.

لديك أشياء إيجابية كثيرة في حياتك، فأنت لديك زوجة فاضلة بإذن الله تعالى، وخمسة من الأبناء، نسأل الله تعالى أن يحفظهم وأن يجعلهم قرة عين لكم، ولديك وظيفة، وأمور كثيرة إيجابية في حياتك، فالتأمل في الأمر الإيجابي دائمًا يبعث الطمأنينة والثقة في النفس.

ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة التالي عن العلاج السلوكي للرهاب:
(269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 )

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً