الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت منطوية نتيجة رهبتي من الحديث مع الآخرين، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا عندي مشكلة تعبت منها كثيرا.
ويمكن هذا الشيء أصبحت على إثره غير اجتماعيه لا أعلم من أين أبدأ وأين أنتهي؟
ولكنني أتمنى أن أجد الحل عندكم.
أنا لا أستطيع التعبير عما بداخلي، رغم أنني أعي ما يجب علي قوله، ولكنني لا أستطيع بسهولة، لا أعلم أهو خوف أم رهبة من الناس.

لا أستطيع أن أفهمهم ما أود قوله، وهذا يجعلني ابتعد عنهم أو أكون معهم ولكن لا أتكلم وفي غالب الأحيان صمت رهيب وأنا بينهم وهذا سبب يخجلني وهو كافي لأبتعد عنهم.

حتى إذا جلست مع شخص أعلم كيف أتكلم ومن أين أبدأ وأين أنتهي، ربما لأنني حينما كنت صغيرة تعودت على ذلك لأنه ليس لدي أخوات فقط 4 أخوان صغار، أكبرهم فرق بيني وبينه في العمر 7 سنوات تقريباً، أتمنى أن أغير هذه الخصلة فيني، أتمنى أن اختلط مع المجتمع أكثر، أتمنى أن أكون إنسانة عادية.

تمر علي أحيان كثيرة لا أذهب للأماكن المزحومة مثل الأسواق وغيرها، خوف من المجتمع الذي سأقابله هناك، أخشى أن يأخذ الناس عني فكرة غير جيدة ، وأنا بداخلي فتاة أخرى تماما ولكن لا أستطيع إخراجها وأطلعهم على جميل شخصيتها.
أتمنى منكم أن تساعدوني لأني بجد تعبت من نظره المجتمع لي.
وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ H-a-h حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فما وصفته يدل أنه لديك حالة بسيطة مما يعرف بالخجل الاجتماعي والبعض يسميه بالرهاب الاجتماعي، والذي لاحظته أنك وضعت صورة سلبية جدًّا عن نفسك، وهذه أحد الصعوبات الرئيسية التي تزيد من القلق والرهاب الاجتماعي وتجعل الإنسان مهتز الثقة في نفسه.

العلاج بسيط وسهل ولكن يتطلب منك التزام.

أولاً: أنصحك بأن لا تقللي من شأن نفسك أبدًا، ضعي صورة إيجابية عن نفسك، هذا مهم جدًّا، وتذكري دائمًا أن الآخرين ليسوا بأفضل منك مهما كان موضعهم ووضعهم ومهما كانت وظائفهم.

ثانيًا: لابد أن تصححي الصورة الذهنية المتعلقة بالخوف الاجتماعي، وهذه الصورة الذهنية يتمثل في أن الإنسان يتخيل بأنه مراقب من قبل الآخرين، وأنا أؤكد لك أنك لست مراقبة من قبل الآخرين أبدًا، وكل الأعراض التي تأتيك هي أعراض فسيولوجية قد تحس بشيء تسارع في ضربات القلب أو بشيء من الشد العضلي، وهذه ظواهر فسيولوجية طبيعية جدًّا.

ثالثًا: خطوة العلاج الأخرى: أريدك أن تتصنعي مواقف تتطلب المواجهة، وهذا نسميه بالتعرض في الخيال، أي أن تعرضي نفسك لوضع معين يتطلب المواجهة. لتصنعي هذا الموقف: اجلسي في غرفة هادئة على كرسي وتصوري أنك أمام جمع كبير جدًّا من الناس فيهم مديرة المدرسة والمسئولين من جميع القطاعات والمعلمات وزملائك، وطلب منك أن تقدمي عرضًا في موضوع معين أو محاضرة معينة، وأريدك أن تقدمي هذه المحاضرة فعلاً.

فالذي أقصده هو أن تصنعي هذا الموقف صناعة كاملة وتعيشيه بكل تفاصيله، قومي بهذا الفعل يوميًا، وقد وجد من يطبق مثل هذه التمارين لمدة أسبوع يحس براحة شديدة وتزول منه الرهبة.

أمر آخر مهم لتطوير المهارات الاجتماعية: هو أن تقرئي مواضيع معينة، مواضيع مختصرة ومقتضبة، وتكوني مجيدة لها، ومتى ما تجدي فرصة لطرحها على صديقاتك وزميلاتك وأخواتك في المدرسة وغير المدرسة، ابدئي أنت دائمًا بطرح هذه المواضيع، خذي هذه المبادرات، وحين الكلام انظري إلى أخواتك في وجوههم، لا تطأطئي رأسك، هذا مهم جدًّا.. هذا كله من المهارات الاجتماعية.
بالنسبة للخوف من الزحام في الأسواق، هذا أمر عادي جدًّا وكل الناس تذهب إلى الأسواق، فقط غيري مفاهيمك بأنك لست مراقبة وأنه لن يحدث لك إن شاء الله تعالى أي مكروه.

العلاج الآخر هو أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، وهذه تمارين مهمة وبسيطة، وللتدرب عليها أريدك أن تتصفحي أحد المواقع الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق هذه التمارين أو الحصول على كتيب أو شريط أو CD من أحد المكتبات، ومن خلال هذه الوسائط تتعلمي كيف تطبقي تمارين الاسترخاء.
أنصحك أيتها الفاضلة الكريمة أيضًا أن تشاركي في الأنشطة الطلابية مع زميلاتك، الأنشطة الخيرية، الجمعيات الثقافية... هذا كله يساعد تمامًا في تقوية الذات والقدرة على المواجهة.

يا حبذا أيضًا لو انضممت إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن وهي كثيرة جدًّا بفضل الله تعالى في المملكة العربية السعودية. هذه الحلقات هي حلقات فيها رحمة ومحاطة إن شاء الله بالملائكة، وتتنزل على الناس فيها الطمأنينة وتقوي المهارات الاجتماعية.

الجزء الأخير في العلاج هو أن أصف لك دواء بسيط سليم فعال، يعالج الخوف الاجتماعي. الدواء يعرف تجاريًا باسم (زولفت) واسمه العلمي هو (سيرترالين) واسمه التجاري الآخر هو (لسترال) أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - تناوليها ليلاً بعد الأكل، استمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السيرترالين دواء سليم فعال غير إدماني لا يؤثر على الهرمونات النسوية، وهو لا يحتاج لأي وصفة طبية.
سيكون من الجميل بالطبع إذا أخطرت والديك عن هذه النصائح التي ذكرناها و الدواء الذي وصفناه.
أخيرًا أرجو أن تجتهدي في دراستك، وأن تديري وقتك بصورة جيدة، وإن شاء الله تعالى سوف تسير الأمور على خير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ومن الله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً