الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالتي النفسية سيئة بسبب فوضوية زوجي، أريد دواء مهدئ؟

السؤال

أرجوك يا دكتور أريد أن تساعدني، أنا متزوجة وعندي مشاكل مع زوجي وهي إهمال زوجي لي، فأكثر وقته خارج البيت وزوجي مهمل وأنا تربيت على النظام والسرعة، بمعنى أنني أنتهي من أعمالي بسرعة، فأنا لا أطيق الفوضى، وزوجي عكسي فهو بطيء في إنجاز أعماله، وهذا الشيء يستفزني ويغضبني، وطوال وقتي وأنا غضبانة، وجلوسي بالبيت سببت لي اكتئاب، وزوجي لا يأخذني للفسحة، فأصبحت أغضب على أتفه الأسباب لأن طبيعتي نظامية ولا أحب تأخير الأعمال، وتأجيلها يسبب لي عصبية ويغضبني ولا أتحمل أي شيء.

تعبت من عصبيتي أريد شيء يجعلني غير مبالية لأني عجزت أن أغير نفسي، أرجوك يا دكتور ساعدني أريد دواء يجعلني غير مبالية بأي شيء، حاولت أن أهدئ نفسي وأغيرها، تعبت لي 10 سنوات وأنا متعبة، وعندي نسيان غير طبيعي من كثرة التفكير بحالي.

أرجوكم أريد دواء يساعدني، ويجعلني غير مبالية بأي شيء يحدث لي ويجعلني هادئة، ساعدني يا دكتور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ياسر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقبل أن نتكلم عن العلاج الدوائي أود أن أشير إلى أنه توجد مفاهيم معينة حول الحياة الزوجية، وهي أن هذه الشراكة والتأليف بين القلوب الذي يجب أن يكون سمة الحياة الزوجية السعيدة التي تتخللها الرحمة والمودة والسكينة، لابد أن تكون هنالك نوع من التنازلات فيما يخص شخصية وسلوك الطرف الآخر.

أنت الآن تقارني بينك وبين زوجك، فكلٌ له منهجه وصفات شخصيته وطريقته في التعبير عن انفعالاته، والذي أعجبني حقيقة أنك لا تضعي اللوم كله على زوجك، أنت مستبصرة أن سرعة انفعالاتك وشخصيتك التي تميل نحو الانضباط المفرط نسبيًا جعلت مسايرتك ومواكبتك على منهجية زوجك فيها شيء من الصعوبة.

فأنا أريدك أولاً أن ترسخي في تفكيرك أمر مهم جدًّا وهو أننا كثيرًا ما نطالب أن نقبل الناس كما هم وليس كما نريد نحن، خاصة إذا كان الذين حولنا هم أزواج أو أبناء أو آباء أو أرحام، دائمًا نحاول أن نضع منظومتنا القيمية وطباعنا جانبًا ونقبلهم كما هم ونسعى بعد ذلك لتغييرهم إلى ما هو أفضل، لكن على الإنسان أن يكون متجردًا وأن يحكم على نفسه الحكم الصحيح، وأنت في مثل هذه الحالة أنت مطالبة أن تقللي من انفعالاتك ومطالبة أن تنظري إلى الأمر أن هذه الانفعالات سوف تؤدي إلى خلافات زوجية، وهذه الخالفات الزوجية سوف تضر بكما، وعليه يجب أن تتحكمي في انفعالاتك، يجب أن تكيفي نفسك على منهج زوجك، ويجب أن تكوني لطيفة معه وتكوني محاورة لبقة ودون أن تشعريه بأي نوع من العلة أو النقصان في شخصيته أو سلوكه، يمكن التوجيه له، وأنا متأكد أنه سوف يقبل ذلك.

أرجو أن تتفاني في إظهار المودة والمحبة له، وأن لا تظهري الامتعاض أبدًا، وفي ذات الوقت حاولي أن تستفيدي من طاقاتك هذه، أنت لديك طاقات كثيرة، بدلاً من أن تتحول إلى انفعالات سلبية يمكنك أن تستفيدي منها وذلك من خلال الاطلاع، القراءة، الانخراط في أي عمل أو نشاط خيري، أنت تعيشي في أمريكا فلماذا لا تنضمي لأحد المراكز الإسلامية ومن خلاله يمكنك أن تساعدي الآخرين، مارسي الرياضة، هناك أشياء كثيرة جدًّا يمكن أن توجهي طاقاتك نحوها، وهذا قطعًا سوف يمتص كل الطاقات السلبية التي تسبب لك المضايقة.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وبالنسبة للعلاج: نحن لا نريد أبدًا أن نثبط من همتك أو أن نجتث عواطفك ونزيلها بالكلية، هذا ليس أمرًا صحيحًا، لكن أتفق معك أن الانفعال الشديد وسرعة الغضب لابد أن يعالج، ومن العلاجات الجيدة لسرعة الانفعال والغضب هو أن تطبقي ما ورد في السنة المطهرة، وأنصحك أيضًا بأن تعبري عن ذاتك، التعبير عن الذات دائمًا هو صمام الأمان الذي يلطف على النفس ويجعل الإنسان يعامل الآخرين ويتواصل معهم بصورة مقبولة جدًّا مرضية لهم وله.

العلاج الدوائي وجد أن كل مضادات القلق وكل مضادات الاكتئاب تفيد في مثل هذه الحالات، ربما تسألين لماذا مضادات الاكتئاب؟ هل أنا لديَّ اكتئاب؟ .. أنت لا تعانين من الاكتئاب، ولكن وجد أن هذه الأدوية حسب التجارب العلمية أنها إذا أعطيت بجرعات صغيرة تفيد كثيرًا في مثل هذه الحالات.

من الأدوية الجيدة جدًّا التي أنصحك باستعمالها عقار يعرف في أوروبا والشرق الأوسط تجاريًا باسم (زيروكسات) ويعرف في أمريكا باسم (باكسيل) واسمه العلمي هو (باروكستين) ابدئي في تناوله بجرعة نصف حبة - أي عشرة مليجرام - تناوليها يوميًا بعد الأكل، وبعد شهر ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة، تناوليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله تعالى أن يوفقك ما بينك وبين زوجك وأن تعيشي حياة سعيدة وهانئة، وأن يؤلف على الخير قلوبكم، وأن يصلح ذات بينكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً