الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الشعور بحالة نفسية وقلق، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب ماجستير في كندا, لي ما يقارب السنتين والنصف, وقد شارفت على الانتهاء من الدراسة, مشكلتي أني تعرضت لعدة مشاكل في الدراسة ومع بعض أصدقائي, وأشعر في بعض الأحيان أني منعزل عن الواقع مع معرفتي بالأشياء, والناس, والأسماء.

أشعر أحيانا بأن عندي حالة نفسية, أنا بطبيعتي حساس, ذهبت إلى طبيب نفساني في كندا وأعطاني بروزاك 20 مج واتيفان في شهر 6 هذه السنة -والحمد لله- الآن في رمضان أحس أني أرى الأشياء بوضوح أفضل من أول، يعني اضطراب الآنية ذهب عني، ولكن بعض الأحيان أثور من الداخل، أحس أني سأنفجر! تأتيني كآبة وضيقة، علماً أني أوقفت الاتيفان لأنه لا يوجد منه في السعودية وأنا الآن بالسعودية، ولا بد أرجع بعد رمضان لأجل أكمل دراستي.

أبتغي منكم المساعدة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

قد عرضت مشكلتك، وهي في نظري بسيطة، وفي نفس الوقت أيضًا أشرت إلى بعض الحلول.

الإنسان حين يتغرب من وطنه قد يجد صعوبة في التواؤم والتكيف على نمط الحياة الجديد، وذلك بالرغم من أن العالم قد تقارب جدًّا من الناحية الجغرافية، لكن الإنسان في داخله حتى وإن كان ذلك ظاهريًا أبدى استعداده وقبوله للمحيط الجديد إلا أن حقيقة الأمر هناك بعض الخلافات التي يمكن أن نسميها القيمية، والتي قد تؤثر على الإنسان، كما أن البُعد عن الأوطان والأهل لا شك أنه قد يسبب بعض الارتدادات السلبية المؤقتة.

أنت قضيت فترة سنتين ونصف، وأنت -الحمد لله تعالى- الآن على مشارف الانتهاء من الماجستير، ولا أعتقد أنك قد تأخرت كثيرًا، هذا تأخر معقول جدًّا، فمعظم الناس ينهون الماجستير في حوالي سنتين، فأنت حين تنهيه في سنتين ونصف أعتقد أن هذا أمر جيد، والمهم في الأمر أن لا تنظر وراءك، الآن انظر لوضعك الحالي وهو أنك على مشارف الانتهاء من الشهادة، وبعد ذلك انظر إلى ما بعد الشهادة إن شاء الله تعالى، وهو أن تعود ظافرًا وغانمًا إلى بلادك إن كان هذا هو مخططك.

استجابتك لعقار بروزاك أعتقد أنه مؤشر أن حالة عدم التواؤم هذا كان المؤشر التشخيصي الأساسي فيه هو درجة بسيطة من الاكتئاب النفسي، وهذا نشاهده في اضطرابات التواؤم، أي أن الاكتئاب أو الاكتئاب القلقي والاكتئاب المصحوب باضطراب الآنية هي بالطبع نوع من القلق النفسي، وأنا لا أريدك حقيقة أن تزعج نفسك كثيرًا بهذه المسميات، المهم في الأمر هو أن تنظر إلى الأمام، أن تكون متفائلاً، أن تواصل على البروزاك - من وجهة نظري – وربما يكون من الأفضل أن ترفع جرعة البروزاك إلى أربعين مليجرامًا لفترة شهرين، ثم بعد ذلك ارجع إلى عشرين مليجرامًا يوميًا.

أنا أؤيدك جدًّا على التوقف عن الأتيفان؛ لأن الأتيفان تناوله لفترة ستة أشهر هي فترة طويلة جدًّا، لأن هذا الدواء فيه شيء من الميول إلى التعود والإدمان في بعض الأحيان، وربما يضعف فعالية البروزاك.

إذن من وجهة نظري استمر على البروزاك بهذه الجرعة التي ذكرتها لك، وبعد انقضاء الشهرين على أربعين مليجرامًا ارجع إلى كبسولة واحدة في اليوم، وهذه يمكن أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تتناوله بمعدل كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم بعد ذلك يمكن التوقف من الدواء.

بالنسبة للانفعال الداخلي والتوترات هي أيضًا جزء من القلق النفسي، وهذه دائمًا تعالج من خلال التفكير الإيجابي، والتعبير عن الذات، والتواصل، وأنت الآن الحمد لله تعالى تعيش وسط أهلك في السعودية في هذه الأيام الطيبة المباركة، وهي فرصة جميلة وطيبة أن تأخذ شحنة إيمانية ووجدانية وعاطفية، وهذه يجب أن تساعدك كثيرًا حين ترجع إلى كندا لإتمام دراستك.

إذا كانت هذه الفورات الغضبية الداخلية بمستوى مزعج أنا أنصحك أن تأخذ معك عقار فلوناكسول، هذا عقار بسيط جدًّا ولا يتطلب أي وصفة طبية، تناوله بجرعة نصف مليجرام صباحًا ومساءً، أي حبة واحدة في الصباح وحبة أخرى في المساء، لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة صباحًا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.

لكن من الأفضل أن تأخذ معك كمية معقولة من هذا الدواء، لأنه فعلاً مفيد جدًّا بالنسبة لنوبات التوترات والانفعالات الداخلية وكذلك القلق، وهو دواء بسيط وغير إدماني وغير تعودي، ويتميز أيضًا بأنه لا يتطلب أي نوع من التحوطات بالنسبة لبداية الاستعمال أو الاستمرار أو التوقف عنه، بمعنى أنك لا تحتاج لجرعة تمهيدية ثم جرعة علاجية ثم تبدأ في التمهيد التدريجي للتوقف عن الدواء، هذا الدواء لا يتطلب كل هذه الإجراءات، وهذه ميزة إيجابية جدًّا في نظري.

لا شك أنك تعرف قيمة الرياضة، وتعرف قيمة العبادة، وإن شاء الله تعالى أنت حريص على هذا، هذه كلها تُساعد الإنسان كثيرًا لأن يقوي نفسه، وأن تكون دائمًا انفعالاته إيجابية. جدد الطاقات النفسية، وإن شاء الله تعالى أمامك أيام طيبة، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأتمنى أن تكمل دراستك ويحقق لك الله تعالى كل ما تتمناه في هذه الدنيا.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً