الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب الناس لكني أشعر أني أحبهم بطريقة غريبة..أرجو تفسير ذلك.

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر القائمين على هذا الموقع الرائع، وأسأل الله أن يوفقكم لما يحب ويرضى.

أنا فتاة بعمر 19 عاما، ملتزمة ولله الحمد، وأحب جميع الملتزمين والملتزمات، وهذه هي المشكلة؛ لأني أحب بطريقه غربية، فمثلا: مرة من المرات دخلت القاعة بالكلية، وإذا بي أجد فتاة جالسه على كرسيها ومعها مصحف تقرأ فيه، فأعجبني فعلها، لكني لم أخبرها بذلك.

عندما رجعت للبيت بدأت أفكر فيها، لا أدري لماذا!!

عندما ذهبت للجامعة بدأت أنظر إليها، وأراقبها، لا أدري لماذا!

شاءت الأقدار أن تتعرف هذه الفتاة على إحدى صديقاتي علاقة سطحية، فبدأت تأتي هذه الفتاة كل يوم لتسلم على صديقتي، وطبعا أنا بجانب صديقتي فتسلم عليها وتسلم علي.

في كل يوم أفكر أن أبدأ أنا السلام على هذه الفتاة، لا أدري لماذا! إلى أن حان ذاك اليوم، دخلت القاعة واذا بي أجد هذه الفتاة على كرسيها لوحدها، فاقتربت منها وسلمت عليها، وسألتها عن اسمها مع العلم أني أعرف اسمها، ممكن لأجل أن أخفف الحرج عن نفسي، فبادلتني السلام، وسألتني عن اسمي، فأجبتها وانصرفت سريعاً.

الفتاة فهمت ما أقصده بالضبط أتوقع أن عيناي قالت لها شيئا آخر.

بعد هذا الموقف تغير حال الفتاة فبدأت تهتم بلبسها وبتسريحة شعرها أكثر من شيء آخر، وبدأت تنتظرني عند الممرات لكي تقابلني، وتسلم علي، ولا أجد تفسيرا لهذا، إلا أن هذه الفتاة فهمت أني أحبها، أو معجبه بها.

الآن أنا أشعر بندم يكدر خاطري من خوفي أنني وقعت في غير(الحب في الله) بمعنى أني لا أدري هل حبي لها في الله أم لا؟ وهذا بحد ذاته يشعرني بالحزن؛ لأني لا أريد أن أعلق قلبي بأحد غير الله لكني لا أملك قلبي!

هذه المشكلة تكررت معي 3 مرات، أنا لا أفهم نفسي لماذا أحب الأشخاص بهذه الطريقة: أفكر فيهم يوميا، أخجل منهم كثيرا، أراقبهم باستمرار!! ويعلم الله أني لا أحب أحدا إلا لأجل دينه وصلاحه، لكن قد أكون لا أعرف أعبر عن هذا الحب بطريقه صحيحة.

هل حالتي هذه دليل على أني عاطفية بشكل مبالغ فيه؟ أم هذا يدل على الحرمان العاطفي الذي أعاني منه؟ أم يدل أنني لا أعرف أن أعبر عن مشاعري؟

أرجو الإجابة سريعا لأنني دائما أفكر في هذه المشكلة.

جزاكم الله كل خير على جهودكم الجبارة، وفقكم المولى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أجوان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أنا لا أعتقد أنك تعانين من مشكلة رئيسية، ولا أعتقد أنك تعانين أبدًا من حرمان عاطفي، فهذا الذي يعتريك هو أنك إنسانة حساسة طيبة القلب ذات مُثُلٍ عالية، وكما يقول علماء النفس والسلوك فإن الأنا العليا لديك قوية ومسيطرة، ويعرف أن الأنا العليا هي التي تتحكم في الفضائل لدى الناس، وهذا الوضع والسمات التي تتميز بها شخصيتك جعلتك تنظرين إلى الأمور بشيء من الوسواس، وهذه الوسواسية هي التي جعلتك تفسرين ما بدر من هذه الفتاة على هذا المنحى المزعج لك، وهو أن هذه الفتاة ربما رأت أنك معجبة بها إعجابًا ليس فيه أي نوع من الاستقامة.

أنا أريدك أن تتجاهلي هذا الفكر تمامًا، وتحقري مثل هذه الأفكار، فأنت لك ما نويت ولك ما قصدت، ودع الآخرين يفكرون كما يشاؤون. هذا مبدأ سلوكي مهم جدًّا، ولا تحللي الأمور بهذه الدقة، لا تنظري خلف الفكرة وتشرحي الفكرة للدرجة التي تتعبك على هذا النحو وعلى هذا المستوى، واعرفي أن الناس ليسوا بشريحة واحدة، فأنت قد تقصدين شيئًا والشخص الآخر قد يقصد شيئًا آخر، لكن المبدأ هو أن نحسن الظن بالناس، أن نبني علاقات طيبة ورشيدة مع الصالحين من الناس، والإنسان حين يشعر أن هذه العلاقة غير سوية أو أن الطرف الآخر له مقاصده الأخرى فيبتعد، وهذا هو المبدأ الأساسي.

أرجو أن تكوني راضية عن نفسك، فأنت لم ترتكبي إثمًا، والأمر كله متعلق بحساسية شخصيتك والطابع الوسواسي في تفكيرك، وأنا سعيد جدًّا أيتها الفاضلة الكريمة أن أعرف عن التزامك وحرصك على دينك، فأسأل الله تعالى أن يزيدك فضلاً وأن يحفظك.

وجّهي طاقاتك نحو المعرفة، معرفة علوم الدين وعلوم الدنيا، وكوني بارة بوالديك، وتواصلي التواصل الاجتماعي الذي يفيدك ويطور من مهاراتك، ولا تكوني حساسة حول كل شيء.

الإنسان لا بد أن يعطي نفسه مجالاً في تفكيره ويكون هنالك شيء من المرونة، وحين تستحوذ علينا فكرة ليس من الضروري أن نقبلها، وعلينا أن نحاول أن لا نحللها كثيرًا، وإن أتعبتنا أو لم تكن خاضعة للمنطق فيجب أن نرفضها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر إيهاب سعيد

    بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً