الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل مشكلتي بسبب القلق والتوتر أم بسبب المكمل الغذائي؟

السؤال

السلام عليكم.
بارك الله فيكم على هذا الموقع المميز.

أنا طالب بكلية الهندسة الكهربائية سنة ثالثة، حياتي تملؤها الفرحة والبهجة والسرور بكل ثانية وكل وقت.

أنا شخص رياضي من الدرجة الأولى، أمارس كرة القدم، وكمال الأجسام، وأتمتع -بفضل الله- بجسم قوي, ومفتول, ووسامة حسب كلام الأهل والأصدقاء.

مشكلتي أني قبل 6 أشهر من الآن قمت باستخدام مكمل غذائي لكمال الأجسام، ووظيفة هذا المكمل إعطاء الطاقة قبل التمرين، وهو يتكون في معظمه من الكافيين، قمت باستخدام هذا المكمل لمدة شهر بدون أي مشكلة، ولكن بعد شهر من الاستخدام وجدت أن هذا المكمل بدأ يفقد فعاليته، ولم يعد يعطني الطاقة، فقمت بزيادة الجرعة في ذلك اليوم وكان كل شيء طبيعيا، وشعرت بطاقة ونشاط، ولكن بعد 30 دقيقة شعرت بدوخة وزيادة رهيبة بضربات القلب, وخوف لا أستطيع وصفه، حتى أني أخجل من نفسي عندما أذكر لك أني شعرت بالخوف!

ووقتها شعرت أنها النهاية, فهرعت إلى غرفة الطوارئ, وشرحت لهم الأمر, وقالوا لي: إنك على ما يرام، فلم أوافق، وطلبت تخطيط القلب, وكانت النتيجة أني سليم -بفضل الله-.

ولكن ضربات القلب استمرت معي ليل نهار لمدة شهرين، بعد ذلك كنت تائها، لا أعلم ما بي؟! وصاحبها دوخة, وقلق, وخوف من الموت في أي لحظة، فقمت بزيارة الأطباء من جميع التخصصات، وأجريت جميع الفحوصات, وكلها سليمة، نصحني أحد الأطباء بمراجعة طبيب نفسي فلم أوافق، وقلت: إن ما بي ليس نفسيا، ولكن بعد أن وجدت أن صحتي الجسدية سليمة -بفضل الله- قررت مراجعة طبيب نفسي، وقال لي الطبيب: إن مشكلتي هي الهلع والتوتر، وعرض عليّ علاج سيبرالكس لمدة شهرين فأخذته، وبحكم أني طالب هندسة ومطلع، وأحب أن ألمّ بالمشكلة من جميع النواحي، فقمت بالبحث في الإنترنت عن الهلع، ووجدت الكثير من الكلام، وقرأت أيضاً عن الأمراض النفسية كالفصام, والإعاقة العقلية فشعرت بالخوف منها، وأصبحت أخاف أن أصاب بها, أو أن أصبح مجنونا، وأصبحت تأتيني أفكار غير عقلانية أخجل من ذكرها، ذلك كله حدث خلال الشهرين الذين استمررت بهما على الدواء.

كانا أصعب شهرين في حياتي، فشهيتي سدت، ولم أعد أهتم بالرياضة, ولا بشيء، وأصبحت أفكر كثيرا, ولا أنام، وأحس أني ضائع، وكأني في حلم، وشهوتي الجنسية صفر!

في نهاية الشهرين نظرت إلى نفسي في المرآة, وقلت: إنه يجب أن أضع حدا لهذا فتركت الدواء، ومن يومها إلى اليوم وأنا أشعر بتحسن رهيب، والابتسامة عادت إليّ, ورجعت إليّ حياتي السابقة بالتدريج, وكأنّ شيئا لم يكن!

ما أريده منك -يا أستاذي- أن تعلمني ما الذي حدث؟ وهل أنا عاقل أم أني أعاني من مشكلة؟ وهل هذه حالة عابرة؟

أنا أثق بكم وبرأيكم -يا أساتذتي- مع السلامة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإني سعيد جدًّا أن أسمع أنك تحمل الكثير من المميزات الإيجابية الجسدية والنفسية، وحباك الله تعالى بنعم كثيرة، فالحمد والشكر لله تعالى.

فيما يخص المكملات الغذائية وتناولها، هذا الموضوع شابه الكثير من اللغط، وحقيقة يعرف تمامًا وبصورة أكيدة أن الكافيين إذا تم تناوله بجرعات كبيرة له أضرار, ولا شك في ذلك، وكما تعرف -أيها الفاضل الكريم- أن اختبارات المنشطات بالنسبة للرياضيين أصبحت الآن تحتوي على مستوى الكافيين في الدم، وسوف يفشل الرياضي إذا اتضح أن كمية الكافيين التي تناولها أكثر من المعدل الطبيعي، وقطعًا إن الذين يتناولون المكملات الغذائية التي تحتوي على الكافيين سوف يعتبرون من الذين أخلوا بشروط المنشطات وتناولها متى ما وجد أن كمية الكافيين تتعدى المعدل المسموح به، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: إن الكافيين يعرف أنه مثير عصبي قويّ، وهذه الإثارة قد لا تكون ثابتة، بعض الناس يتأثر بالكافيين أحيانًا لدرجة أنه يفتقد النوم تمامًا، وفي لحظات أخرى لا يتأثر بذلك، بعض الناس يحس بطاقة شديدة جدًّا بعد أن يتناول الكافيين، وفي أوقات أخرى قد لا يحس بذلك، فإذن هنالك نوع من التأرجح والتذبذب, وعدم الثبات في ما قد يفعله الكافيين بالإنسان، لكن بصورة عامة هو مثير، وقد يثير الأعصاب للدرجة التي يُدخل الإنسان في نوبة من نوبات الهلع أو الهرع, وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.

أنا لا أقول: إن الأمر متعلق بالكافيين مائة بالمائة، لكني لا أستطيع أن أنكره كعامل رئيسي وأساسي قد يكون هو الذي سبب لك نوبة الهرع والهلع التي أصابتك، وأنا أتفق مع الطبيب تمامًا أنها نوبة قلقية حادة.

وقد يكون السبب أيضًا أنه في الأصل لديك القابلية والاستعداد لمثل هذه النوبات القلقية الحادة، والكافيين هو الذي مهّد لأن تأتيك هذه النوبة.

عمومًا: الحمد لله تعالى أنك الآن تتمتع بصحة نفسية وجسدية ممتازة، وهذا أمر طيب وجيد، وأنا أقول لك: تناسَ هذا الأمر تمامًا، وواصل حياتك بكل إيجابية, وبكل حيوية، وكن أكثر ثقة في نفسك، ولا تبتعد عن ممارسة الرياضة، مارس الرياضة في حدود المعقول، فالرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام، وهي أصبحت من المتطلبات الحياتية المهمة جدًّا.

أنا أرى أن هذه الحالة -إن شاء الله تعالى- لن تنتابك مرة أخرى، وحتى إن حدثت لك فلن تحدث بالحدة والشدة التي حدثت لك سابقًا.

أرجو أن لا تنزعج لهذا الكلام، أنا أريد أن أملكك الحقائق العلمية، والذي أود أن أصل إليه أن حالات القلق والتوتر ونوبات الهلع ربما ترجع للإنسان في بعض الأحيان، وحين نقول بعض الأحيان لا نعني أبدًا أنها سوف تعاوده دائمًا، هذا قد لا يحدث مطلقًا, ولكن قد يحدث أيضًا.

إن حدثت لك هذه الحالات العابرة سوف تكون أخف؛ لأنك قد تواءمت معها, ولن تستغربها، ولن تتردد على الأطباء كما فعلت في المرات السابقة، وهذا في حد ذاته سوف يطمئنك, وسوف تزول الحالة تمامًا.

أنا أنصحك حقيقة لأن تكون أكثر طمأنينة أن تتحصل على دواء يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول)، ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول)، يمكن أن يكون الدواء هذا في حوزتك، وإذا شعرت بقلق حاد تناول منه حبة إلى حبتين يوميًا لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام، بعد ذلك اتركه، فهو دواء يستعمل عند اللزوم، ولا يتطلب أي تحوطات طبية فيما يخص بداية الجرعة, والتوقف منها، الحبة الواحدة من الفلوناكسول تحتوي على نصف مليجرام.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، ونشكرك على ثقتك في رأينا، ونسأل الله تعالى أن ينفعك به.

أتمنى لك التوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً