الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هم وحزن بسبب وساوس في وجود الله وتعدد الزوجات، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحدثت بالوسواس في كثير من المرات، وتكلمت كلاما يعتبر كفرا عن عمد أو عن غير عمد، لا أعرف!

فكيف سأدخل في الإسلام مجددا بعد ما صدر مني، يعني الوسواس يمنعني من دخول الإسلام لأنه من يدخل الإسلام يجب أن ينطق الشهادتين بيقين، وهل علي أن أتخلص من الوسواس حتى يقبل الله دخولي في الإسلام؟

مع العلم تأتيني وساوس في وجود الله، وأخرى في تعدد الزوجات، لكن في مسألة التعدد أعرف أن لها فوائد على المجتمع، وأن التعدد كان موجودا من قبل، لكن المشكلة أنه تأتيني أفكار، لماذا الله قال: {ما طاب لكم }، أي أن الرجل إذا أراد الزواج لا يهمه مشاعر زوجته الأولى، هذه الفكرة تسيطر علي.

هل إذا أعتقدتها يعتبر كفرا؟

هل علي أن أقتنع بعكس الفكرة حتى يقبل الله دخولي في الإسلام مجددا، بسبب ما صدر مني؟

أنا أريد أن أدخل في الإسلام، ساعدوني ماذا أفعل فأنا في هم وغم لا يعلمه إلا الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سليمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،

مرحبا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يشفيك شفاء عاجلاً من داء الوسوسة، فإنه من شر الأدواء التي إذا سيطرت على الإنسان وأفسدت عليه دينه ودنياه، فنسأل الله تعالى أن يمنّ عليك بالشفاء العاجل.

ولا شك -أيتها الكريمة- أنه لا علاج أنفع ولا أنجع لهذا الداء من الإعراض عنه بالكلية، وعدم الالتفات إليه والاسترسال معه، وعدم بناء أحكام بموجبه، وكل ما ذكرته نظن أنه آثار لهذا المرض، ومن ثم فنصيحتنا لك أن تعرضي عنه تمام الإعراض، وكوني على ثقة بأن من دخل الإسلام وثبت إسلامه بيقين فإن إسلامه لا يزول عنه إلا بيقين.

أما مجرد الوساوس التي يجدها الإنسان في صدره حول وجود الله تعالى، أو حول بعض أحكامه، فإن كراهة الإنسان لها وهو ظاهر منك كراهتك لهذه الوساوس وبغضك لها وخوفك على نفسك من الوقوع في الكفر، كل ذلك يدل على وجود الإيمان في قلبك، والنبي - صلى الله عليه وسلم – قد اشتكى إليه بعض الصحابة شيئًا من هذا القبيل، اشتكوا إليه أن الواحد منهم يجد في صدره من الكلام ما يفضل أن يحترق حتى يصير حممة، يفضل ذلك على أن لا يتكلم بكلمة مما يجده في صدره، وهذا يدلك على شدة كراهتهم لهذه الوساوس الموجودة في صدورهم، فلما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم – منهم ذلك قال: (ذاك صريح الإيمان).

فسمّى النبي - صلى الله عليه وسلم – كراهتهم لهذه الوساوس إيمانًا، فبغض الإنسان للوساوس التي يحاول الشيطان أن يُوردها على قلبه، بغضه لها وكراهته ونفوره منها دليل على إيمانه.

ولكن خير ما ننصحك به هو الإعراض عن هذه الوساوس كما قلنا، وأن لا تسترسلي معها، ومن ثم فأنت باقية على الإسلام، وهذا هو اليقين، فلا تخرجي من الإسلام إلا بيقين.

وإذا كنت قد تلفظت بكلام سيئ، فإن التوبة بابها مفتوح، والله عز وجل يقبل التوبة ممن تاب مهما كان ذنبه وعظم جُرمه، ولا نستطيع أن نحكم على من تكلمت به كفر أو لا، لأنك لم تبيني لنا هذه الكلمات التي قلتها، وعلى كل حال فإذا كنت لا تتعمدين الكلام بها أو لا تدرين أنها من الكفر فإنك معذورة بذلك.

وعلى فرض أن الإنسان وقع في شيء مما يكفر به، فإن باب التوبة أيضًا مفتوح، فما عليه إلا أن يندم على ما فعل، ويعزم على أن لا يرجع إليه في المستقبل، ويتلفظ بكلمات التوحيد، فيتشهد الشهادتين، وبذلك يصير مسلمًا، والله عز وجل يمحو عما كان من ذنوب وسيئات، فإنه قال جل شأنه في كتابه الكريم: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}.

نصيحتنا لك أن تشغلي نفسك بالنافع، فإن النفس إن لم تشغليها بالحق شغلتك بالباطل، فحاولي أن تدمجي نفسك مع الفتيات والنساء الصالحات في برامج نافعة من أمر الدين أو من أمر الدنيا، فإن الفراغ مفسدة، وكلما شغلت نفسك بالشيء النافع وجدت أن الوقت يمضي في خير وفائدة، وكل يوم ستجدين حالك يتحسن وتبتعدين عن أعراض الوسوسة وهذه الهموم.

وأما شرع الله تعالى لعباده في تعدد الزوجات، فكوني على ثقة ويقين بأنه سبحانه وتعالى أعلم بما يصلح الخلق، كما قال جل شأنه: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}، وأن شرعه كله صادر عن العلم والحكمة واللطف والرحمة، فهو أعلم سبحانه وتعالى بما يصلح عباده وهو بهم أرحم بهم من أمهاتهم ومن أنفسهم، فكونه أباح للرجل أن يتزوج بأخرى ليس فيه ظلم للزوجة الأولى، مع وصيته سبحانه وتعالى وتشديده على القيام بالعدل بين الزوجات، وأداء الحقوق لكل واحدة منهنَّ، وفي ذلك من النفع للزوج والنفع للنساء أيضًا وتحصيل الذرية، وتكثير عدد المسلمين ما يخفى من المصالح.

فالله عز وجل أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، وهو سبحانه وتعالى صاحب الخير ومنه الخير، فكوني على ثقة ويقين بحكمة الله تعالى في تشريعه وعدله في أحكامه، فإنه سبحانه وتعالى أصدق من قال وأعدل من حكم.

نسأل الله تعالى أن يرضينا وإياك بالإسلام دينًا وبالله ربًّا وبمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم – نبيًّا، وأن يهدينا وإياك سبل الرشاد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً