الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي طرق الخشية من الله عند ارتكاب الذنوب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كيف أخاف من الله؟ عندما كنتُ صغيرًا إذا ارتكبتُ ذنبًا، يؤنّبني ضميري، أما الآن فلم أعد كذلك، فما الحل؟ أريد أن يرتجف قلبي من خشية الله عند ارتكاب الذنب، فكيف أجعله كذلك؟ كيف أكون من المتقين؟ كيف أُحصّن قلبي من الفتن؟

جزاكم الله عنَّا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أولًا: الخوف من الله هو المطلوب من العبد، كما قال تعالى: {فَلا ‌تَخافُوهُمْ ‌وَخافُونِ ‌إِنْ ‌كُنْتُمْ ‌مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175] فإذا أردت أن يرزقك الله الخوف منه سبحانه وتعالى فعليك بهذه النصائح، وهي كالآتي:

1. استحضار فضائل الخشية والخوف من الله، وكثرة التأمل في مصرع الغابرين الهالكين من الأمم الماضية، وما حلّ بهم من عذاب الله بسبب ذنوبهم ومعاصيهم.

2. التأمل والنظر بعين الاعتبار للموت وشدّته وسكراته، وهل يُختم للإنسان بخاتمة حسنة أو سيئة.

3. التأمل في القبر وضمّته، وسؤال منكرٍ ونكير، والقيامة وأحوالها وأهوالها، والنار وما أعدّ الله فيها من العذاب والنكال.

4. التأمل في الآيات التي فيها وعيد شديد، كقوله تعالى: {‌أَفَأَمِنُوا ‌مَكْرَ ‌اللَّهِ ‌فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ} [الأعراف:99]. وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً ‌وَأَشَدُّ ‌تَنْكِيلاً} [النساء: 84]. وقال تعالى: {‌إِنَّ ‌بَطْشَ ‌رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}[البروج: 12] وأنصح بقراءة كتاب الداء والدواء للإمام ابن القيم -رحمه الله-؛ فقد ذكر فيه أضرار وآثار الذنوب والمعاصي، وكذلك رياض الصالحين، فهو اسم على مسمّى.

ثانيًا: قولك: "أريد أن يرتجف قلبي من الله عند فعل الذنب"، وجواب ذلك هو: ‌
- استحضار ‌عظمة الله وجلاله وكبريائه، ووعده ووعيده، وثوابه وعقابه، وعظمة مَن تعصيه، وأنه تعالى ينظر إليك وأنت تعصيه.

- استحضار هذا الكلام الذي قاله ابن مسعود رضي الله عنه: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ ‌يَخَافُ ‌أَنْ ‌يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا» (رواه البخاري).

- تخيّل ماذا سيقول الله لك يوم القيامة: "يا عبدي، لِمَ جعلتني أهون الناظرين إليك؟" لأن الإنسان مِنَّا لا يحب أن يراه أحد في حال المعصية، ويخاف من نظر الناس، لكنه جعل ربَّه تعالى أهون الناظرين إليه، والله المستعان.

ثالثًا: أمَّا سؤالك: كيف أحصّن قلبي من الفتن؟ فالجواب:
لقد أحسنتَ -أيها الشاب الفاضل- بهذا السؤال، الذي هو سؤال كل مسلم، فنحن في زمنٍ القابضُ على دينه كالقابض على الجمر، ولعل من أهم الأسباب لتحصين نفسك من الفتن ما يأتي:

1. الاستعاذة بالله من الفتن، فقد كان نبينا محمد ﷺ يقول لأصحابه: «‌تَعَوَّذُوا ‌بِاللهِ ‌مِنَ ‌الْفِتَنِ ‌مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» (رواه مسلم).
2. المحافظة على الواجبات الدينية، لا سيما الصلاة التي هي أعظم العبادات بعد التوحيد.
3. الإكثار من قراءة القرآن والتمسك به واتباعه، فمن اتبعه فقد هُدي إلى صراط مستقيم.
4. مجالسة العلماء وسماع كلامهم، وفي الإنترنت كمٌّ هائل من الدروس والمواعظ الطيبة.
5. صحبة الأخيار، فإن الرفقة الصالحة تعودك على الخير كله.
6. الابتعاد عن مواطن الفتن وقنواتها وما تدعو إليه.

وفي الأخير: كل هذه الأمور المذكورة من أسباب الخوف من الله، وأسباب تحصين القلب، وكلها تقودك إلى أن يلين الله قلبك، وتعظم خشيتك وخوفك من الله تعالى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً