الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أجتث الرهاب من جذوره فقد دمر حياتي؟

السؤال

السلام عليكم..


يا أستاذي المحترم: نشكركم من صميم وأعماق قلوبنا, ونسأل الله عز وجل أن يجزيكم خير الجزاء عمَّا تقدمونه لهذه الأمة المكلومة.

يا سيدي:
أنا أبلغ من العمر 40 سنة, لكن هذا الرهاب اللعين لا يريد أن يفارقني -الحمد لله- أحس أن عندي مؤهلات كثيرة, منها الخطابة في المسجد, والتجمعات, لكن الرهاب يقف أمامي حاجزًا دون ذلك, كنت مصابًا بالوسواس -والحمد لله- أرشدتموني إلى (الزيروكسات), فشفيت تمامًا, وقد استعملته لمدة عام كامل, لكن الرهاب لم يزل, استعملت سيترالين 6 أشهر خفّ بعض الشيء مع الإندرال, وأنا الآن أستعمل الفافرين مع الإندرال.

السؤال: لا تقل لي أن نسبة الرهاب بسيطة؛ فقد أرهقني كثيرا, أريد -يا سيادة الدكتور- أن أجتث هذا المرض من جذوره, ثم هل استعمال الإندرال بنسبة 10 لمدة سنة أو حتى طوال الحياة لا يضر؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك على كلماتك الطيبة، وأؤكد لك أننا نشعر بمشاعرك تمامًا حيال ما تعانيه من الرهاب، وأعرف درجة الإزعاج, والألم النفسي لذلك، لكن هذا لا يعني أبدًا أن يعيش الإنسان أسيرًا لهذا النوع من الخوف، وهنالك الكثير من الذين حرروا أنفسهم من قيد الرهاب, وفكوا قيودهم تمامًا، وذلك فقط من خلال تحقير فكرة الرهاب نفسها، والإصرار على مواجهته, وتجاهله, واستبداله بالإقدام، والتمازج الاجتماعي الفاعل, وتغيير نمط الحياة.

وأود أن أؤكد لك حقيقة مهمة جدًّا: معظم الذين يعانون من الخوف والرهاب يأتيهم الشعور بأنهم عُرضة للاستخفاف من جانب الآخرين، وهذا الكلام ليس صحيحًا أبدًا؛ لأن الآخرين ليسوا على اطلاع بمشاعر الإنسان الداخلية, الرهاب والخوف وما يتبعهما من متغيرات فسيولوجية هي تجربة داخلية خاصة بالإنسان، وما يأتي للإخوة والأخوات الذين يعانون من الرهاب من فكر أنهم يتلعثمون ويرتعشون, ويمكن أن يفقدوا السيطرة على الموقف، هذا كله ليس صحيحًا، هي-كمشاعر- مشاعر صحيحة، لكنها –كحقيقة- ليست صحيحة.

إذن تغيير المفاهيم مهم ومفيد جدًّا للتخلص من الرهاب, والقضاء عليه تمامًا, فسر على بركة الله في هذا المنهاج، ونحن دائمًا ننصح بحسن إدارة الوقت؛ لأن إدارة الوقت إن كانت جيدة وفاعلة تقلص تمامًا من فرص حدوث القلق, والخوف, والرهاب؛ لأن انتباه الإنسان يُصرف لما هو أهم، ومن ثم تتطور مهاراته الاجتماعية والسلوكية؛ مما يساعد على عملية التعافي.

والتفكير الإيجابي هو سيد الأمر حقيقة، فنحن كثيرًا ما يسيطر علينا التفكير السلبي، وقد توقفتُ حقًّا عند ما ذكرته حول الأمة المكلومة، أنا أتفق معك أن الأمة أصيبت بالكثير من الأذى، لكن -الحمد لله تعالى- هي بخير، فدعنا نكون إيجابيين في تفكيرنا حول أنفسنا, وحول أمتنا, وحول المستقبل.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الأدوية متشابهة جدًّا, والتي يعرف عنها أنها متميزة جدًّا في علاج الرهاب والخوف، وعقار سيرترالين هو عقار ممتاز، لكن كثيرًا ما تحتاج هذه الحالات لجرعات عالية، فمثلًا قد يحتاج الإنسان لأن يتناول السيرترالين بجرعة مائتي مليجرام في اليوم – أي أربع حبات في اليوم – مدة لا تقل عن ثلاثة إلى ستة أشهر، وهذه الجرعة سليمة, ولكنها عالية نسبيًا.
فإذن يجب أن ندفع بجرعة الدواء في بعض الأحيان لنصل إلى درجة عالية من التحسن.

أنت الآن تستعمل الفافرين، وأنا أنصحك بأن تدفع بجرعة الفافرين إلى ثلاثمائة مليجرام في اليوم، وتظل على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر على الأقل، ولا تستعجل النتائج، وركز على تغيير نمط حياتك من خلال التطبيقات السلوكية؛ فهي داعم أساسي لفعالية العلاج الدوائي، كما أن الذين يحسنون تطبيق الأنماط السلوكية الصحيحة تجد أن الانتكاسات عندهم تقل جدًّا, وتجد أن التعافي يصبح مستمرًا, هذا بالنسبة للفافرين.

أما بالنسبة للإندرال فهو: يعتبر دواءً مساندًا, وليس علاجًا أساسيًا، والإندرال حتى جرعة أربعين مليجرامًا في اليوم لا بأس أبدًا من تناوله لمدة طويلة، حتى وإن كان لسنوات، فهو دواء بسيطٌ جدًّا ويتحكم تمامًا في الأعراض الفسيولوجية الناتجة عن الرهاب.

التحفظ الوحيد هو أن الذين يعانون من الربو يجب أن لا يتناولوا الإندرال بجرعة كبيرة, أو لمدة طويلة، ويستحسن أن يكونوا تحت ملاحظة طبية.

ولمزيد من الفائدة عليك بهذه الاستشارات لمعرفة العلاج السلوكي للرهاب:
(269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637)

وأؤكد لك أننا قد سعدنا برسالتك، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، وأن يكتب لك الصحة والعافية, والتوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً