الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي فضول لمعرفة ما لدى الآخرين؟

السؤال

لدي موضوعان أتعباني وشتتا أفكاري، أنا أعاني من الوسواس القهري، دائماً أفكر أنه ليس لدي أصحاب، حتى عند الجلوس معهم أحس بداخلهم أشياء عليّ.

عندي حب استطلاع على الآخرين، لدرجة أني عندما أعلم بأن أحداً سيتوظف أحس بمرض داخل قلبي، أحس بتعب بدني، لدرجة أني أبكي وأكسر ما حولي، وأحس أني يائس من الحياة، ليس لي أي هدف فيها، وصلاتي متقطعة، أتمنى أن تساعدوني بحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فليس هنالك ما يدل أنك تعاني من وسواس قهري بمعاييره العلمية، إلا إذا كان قد ذكر لك ذلك طبيب نفسي موثوق به، لكن ما أوردته من أفكار حول المشاعر الغريبة التي تأتيك حين تكون جالساً مع آخرين، وتتمثل هذه الأفكار في حب الاستطلاع، كما أنك تُصاب بشيء من الانفعال السلبي إذا توظف أحد ممن تعرف، هذه ليست وساوس قهرية، هذا سوء في التأويل، ولا أستطيع أن أقول لك أنه حسد، لكنه قطعاً تصرف وسلوك سلبي جدّاً، يجب أن يُحقر ويستبدل بفكر آخر وسلوك آخر، وهو أن تُحب لأخيك ما تحب لنفسك، وأن تدعو له بالخير والبركة، وأن تُسَرَّ وتفرح لكل خير يأتي للآخرين، النفس هنا يجب أن تُكبح وتُصد عن مثل هذه الانجرافات والمشاعر البغيضة والسيئة.

أما بخصوص ما يأتيك من بكاء وتكسير لما حولك، أعتقد أن هذا شيء من الاندفاعية السالبة، وهي تحت إرادتك وتصرفك، وما هو غير لائق يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه حياله، ومحاسبة النفس هي أولاً: تصحيح السلوك، فيجب أن لا نترك الأمور تمر هكذا بتساهل، وثانيًا: الرضى بقضاء الله تعالى وقدره تكن أغنى الناس.

وقولك أنك يائس من الحياة، هذا أيضًا يجب أن تسأل نفسك لماذا تيأس من الحياة؟ الحياة طيبة والحياة جميلة، وأنت شاب تبلغ من العمر 24 عامًا، لماذا لا تعيش مثل الآخرين في سعادة ورضى نفس، لماذا لا تكون حريصًا على صلاتك، والدعاء وقراءة القرآن ومصاحبة الخيرين من الناس وزيارة الأرحام وحسن التواصل معهم وبر الوالدين والبحث عن عمل والانخراط فيه، وأن تكون نافعًا لنفسك وللآخرين؟ هذه هي الحياة، وهذا كله متاح، وهذا كله يمكن السعي نحو الحصول عليه.

أنا أعتقد أنك محتاج لأن تضع لنفسك ضوابط، وأن تكون حازمًا مع نفسك، هوى النفس وانجرافاتها السلبية إذا لم نقاومها بحزم وشدة سوف تضر بنا على المستوى الصحي والسلوكي والاجتماعي.

أود أن أدعوك دعوة خاصة جدًّا وهي: أن ترتبط بالشباب في المسجد، وتكون صلاتك في جماعة، وأن تروض نفسك على حسن الخلق والقيم الإسلامية والإنسانية العالية، ووجودك بدون عمل، هذا يعني أن حياتك بدون معنى، فلماذا لا تبحث عن عمل، أو عن دراسة وتستفيد من قدراتك، أنت الآن متفرغ تمامًا للسلوك السلبي، أعطيته فرصة كبيرة، وأعتقد أن الأمر يجب أن ينتهي هاهنا، فكفى ما حدث، ويجب أن لا يحدث مستقبلاً إلا الخير، أنت شاب ولديك طاقات نفسية وجسدية ووجدانية ويجب أن يُستفاد منها.

ثقتك في نفسك لن تأتي إذا لم تتخذ خطوات عملية تجعلك تحس بالرضى، وهذا سوف يبدل مشاعرك كلها، ويُشعرك بجمال الحياة لا اليأس منها، واعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا كنت ترى فعلاً أن الأمور معقدة وتعاني من وسواس قهري فيجب أن تقابل طبيبًا نفسيًا، لأني لا أرى أي مؤشر في رسالتك تدل أنك تعاني من وساوس قهري.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح والتميز والإقدام، ويسعدنا الإجابة على أي استفسار يأتينا من قبلك في المستقبل، خاصة بعد أن تقابل الطبيب المختص.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً