الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقيس نبض قلبي دائمًا وأحس بالخمول، فما علاقته بالحالة النفسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة لكم، وجزاكم الله كل خير على ما تقومون به من جهود, جعلها الله في ميزان حسناتكم.

سؤالي: في البداية أحب أن أوضح أني أعاني من الوسواس المرضي منذ فترة ليست بالقصيرة.

منذ فترة لا أعلم ما الذي شدني لمتابعة نبض قلبي, وأصبح شغلي الشاغل هو قياس النبض في كل وقت.

نبضي في وضع الراحة التامة جدًّا يصل إلى 55 نبضة بالدقيقة، فذهبت لاستشاري قلب، وعملت أشعة تلفزيونية، وكذلك عملت اختبار جهد (إيكو)، وتخطيط قلب وجميعها -ولله الحمد- سليمة، وكذلك عملت تحليل الغدة الدرقية ـ ولله الحمد- سليمة.

استفساري: هل هذه القيمة من النبض طبيعية في وضعي؟ مع العلم بأنني أحيانًا أحس بخمول، وهل للعامل النفسي دور في ذلك، مع العلم أيضًا أنني أمارس الرياضة بشكل متقطع؛ لأن حياتي -يا دكتور- أصبحت قياسًا للنبض فقط.

أسأل الله أن يشفيني, ويشفي كل مسلم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن المخاوف الوسواسية من هذا النوع شائعة جدًّا، وانشغال الناس بصحتهم وبالأمراض أصبحت تشكل هاجسًا رئيسيًا× لأن الأمراض قد كثرت وموت الفجاءة أيضًا قد كثر، وعلل القلب لا شك أنها موجودة، وفوق ذلك أن يقين الناس وطمأنينتهم قد ضعفت في الأصل.

فالذي تعاني منه يمكن أن نقول: إنه ناتج طبيعي ومخرج من مخرجات أوضاعنا الاجتماعية ونمط حياتنا وما يدور حولنا.

أكد لك الأطباء أنك بفضل الله تعالى تتمتع بصحة ممتازة، وأن القلب لديك سليم، وأن 55 نبضة في الدقيقة في وقت الراحة هذا يدل على أن قلبك في وضع صحي ممتاز، فهذه كلها نعم عظيمة يجب أن تلفت نظرك وانتباهك إلى شيء آخر، واترك أمر قلبك تمامًا.

أنا أعرف أن الوساوس حين تكون مستحوذة على الإنسان خاصة فيما يتعلق بالصحة تكون ملحة جدًّا، وبقدر ما يحاول الإنسان دفعها بعيدًا عنه بقدر ما تتسلط هي عليه، لكن في نهاية الأمر وحسب ما اتفق علماء السلوك، فالعلاج يتمثل في تحقير هذه الفكرة، وأنصحك بأن تعيش حياة صحية بقدر المستطاع، وهذا يعني ممارسة الرياضة بشكل منتظم، لا تجهد نفسك، لكن أعط برنامج الرياضة فرصة حقيقية في حياتك، التدريب بمعدل ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع سوف يكون كافيًا، وأفضل رياضة وأسهل رياضة هي رياضة المشي.

وفوق ذلك اصرف انتباهك عن هذه الوسوسة المرضية، وذلك بأن تكون فعالاً في حياتك، فعالاً في المحيط الاجتماعي، في محيط العمل، في محيط التواصل، فهذا كله يجعلك تحس بالفعل بالحيوية وكمال الصحة -إن شاء الله تعالى-.

أمر آخر وجد أنه مفيد جدًّا، وهو: أن تراجع طبيب الأسرة, أو أي طبيب باطني تثق فيه، راجعه مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، وذلك من أجل الفحوصات الروتينية العادية، الفحوصات المتعلقة بقوة الدم، مستوى وظائف الكبد، الكلى، الدهنيات، السكر، الضغط... إلى آخره. هذه وجدت أنها طريقة مفيدة جدًّا، أي المراجعة الإكلينيكية الدورية مع إجراء الفحوصات الروتينية ذات قيمة عالية جدًّا لصرف الوساوس المرضية.

بالتأكيد أنت غير محتاج بأن تراجع أو تقيس نبضك، أنت لست محتاجًا لذلك، وأنا أجعل الأمر معك بصورة سهلة جدًّا، وهي أن تصمم مع نفسك ألّا تقيس النبض لمدة يومين، بعد ذلك قم بقياسه، وأنت في وضع الراحة، وبعد أن تقوم بجهد، إذا وجدتَ فرقًا بأن النبض تسارع، فهذا يعني أنك في كمال صحتك، بعد ذلك يجب أن تُحدد وتصر على نفسك وبقوة ألّا تقيس النبض، لكن يمكنك أن تقوم بفعل ذلك بعد أسبوع، لا مانع أن تقيسه بعد أسبوع، وهكذا، وسوف تنقطع عن ذلك بالتدريج -إن شاء الله تعالى- والفحوصات الروتينية سوف تفيدك.

أضف إلى ذلك أنني أود أن أصف لك دواء مضادًا للمخاوف المرضية، الدواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس), واسمه العلمي هو (إستالوبرام), يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسة مليجرامات – أي نصف حبة – تناولها يوميًا بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول (السبرالكس).

يُضاف إلى (السبرالكس) دواء آخر يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل), واسمه العلمي هو (سلبرايد), وهو دواء جيد ومفيد وفاعل جدًّا -إن شاء الله تعالى- لتدعيم فعالية (السبرالكس)، والتقليل من حفزات الوسواس المرضي.

جرعة (الدوجماتيل) هي كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي خمسون مليجرامًا، تناولها لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول (السلبرايد)، لكن استمر في تناول( السبرالكس) حسب ما أوضحت لك.

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، وعليك بالمداومة على الأذكار، فالأذكار تبعث في الإنسان الطمأنينة، وهنالك أذكار مأثورة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم – فيما يخص التحصين من المرض، ومن الخوف, ومن غير ذلك, من دين ودنيا وآخرة، وهذه سوف تجد أنها ذات قيمة عالية جدًّا، ابدأ بها، واتبع الخطوات الأخرى التي ذكرتها لك, وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً