الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الرهاب الاجتماعي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراً على موقعهم الجميل الذي بيساعدني كثيراً في تثقيفي طبياً، كما هو مبين في العنوان، فإن مشكلتي في الرهاب، أو الخوف الشديد بدون سبب، بمعنى هل من الطبيعي كلما دخلت في مواجهة مع شخص أو انتقدني أحد الأشخاص أو طلب مني التحدث أمام أشخاص لا أعرفهم، أجد وبمجرد التفكير أنني سوف أفعل ذلك، أو أنني سوف أذهب لأتشاجر مع شخص أضعف مني مليون مرة، حتى أجد نبضات قلبي تزداد، ويدي ترتعش، وحنجرتي تصبح كأنها صخرة لا يخرج منها الكلام، وأظل هكذا لمدة نصف ساعة على الاقل!

هذا يجعلني سلبياً جداً جداً لا أحب المواجهات، ويظهرني في شكل الغير واثق من نفسه في المقابلات الشخصية ، لا أعرف وقد جربت العلاج الدوائي البروزاك حبتيين40 يومياً لمدة شهر ولم يكن له أي نفع، وكذلك السيروكسات جربت ال سي ار حبة واحدة يومياً لمدة شهرين، وقد لاحظت أنني أحياناً أكون في البيت ولا يوجد ما يزعجني، ولكن أشعر بتوتر وزيادة بدون سبب في نبضات قلبي، وشعور بعدم الارتياح خاصة أسفل العنق والمعدة.

علماً بأن حياتي الاجتماعية ممتازة، وأنا في أسرة جيدة ولم أتعرض لأي مواقف، ولكن هكذا أنا منذ كنت طالباً في المدرسة، وأشعر بالرعب إذا طلب مني المدرس أن أقف وأجيب على سؤال رغم أن كل الزملاء من أصدقائي.

شكراً لوقتكم وأرجو سرعة الرد .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فلان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

كما ذكرت وتفضلت فإن نواة القلق لديك متجسمة منذ الصغر، ويعرف تمامًا أن القلق طاقة نفسية جيدة، لكنه قد يؤدي أيضًا إلى احتقانات وتفاعلات سلبية إذا ارتفع معدله، أو إذا لم نستفد منه بصورة صحيحة، وذلك من خلال الفعالية الإيجابية والمثابرة، ومحاولة الإنجاز.

الذي يحدث لك هو: عند المواجهات تكون درجة التحضير والتحفز لديك مرتفعة جدًّا، وهذا من خلال تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي، وهذا بالطبع يجعلك تحس بهذا الوضع الغير مريح، إذن الظاهرة ظاهرة فسيولوجية، طبيعية جدًّا، هو تحضير وتأهب، لكن يظهر أن الأمور لديك تتخطى ما هو مقبول وما هو مطلوب، لذا تحس بالمشاعر السلبية التي تحدثت عنها.

مجرد تفهمك لطبيعة هذه الآليات الفسيولوجية، هذا في حد ذاته سوف يساعدك، إذن الحالة لا نعتبرها حالة مرضية بالمنظور المرضي المعروف، إنما هو نوع من الظاهرة النفسوجسدية، وهذه الأحوال يمكن حقيقة التغلب عليها من خلال (تحقير الفكرة)، وأن تعيش أدواراً خيالية تكون أنت فيها عرضة للتعرض لمواجهات، مواجهات: مثلاً أن تكون قائدًا لمجموعة كشافة، توجه هذه المجموعة، وتتصور هذا الموقف، أن تكون عريفاً لحفل ما، أن تشارك الناس في مناسباتهم الاجتماعية، وأن تكون أنت متواجدًا في مقدمة الصفوف، أن تعيش واقعًا، وهو أن تصلي دائمًا في الصف الأول، وأن تتذكر أن أمر المشاجرات والانفعالات السلبية لا خير فيه أبدًا، على العكس تمامًا الإنسان الذي يتميز بالهدوء وبالسكينة وبالطبع الحسن، هذا سوف ينقل رسالة قوية جدًّا إلى الأطراف الأخرى، ويجعلك محط احترامهم وتقديرهم، وهذا مهم جدًّا.

لابد للإنسان أن يكون كاظمًا للغيظ، وأنصحك حقيقة بالانخراط في الأعمال الاجتماعية والثقافية والخيرية، هذا يؤدب النفس – نفسي ونفسك وكل نفس – ويحسن إدراكها لما هو خير، ولما هو صواب ولما هو حسن، وهذا ينمي المقدرات الشخصية ويحسن كذلك التواؤم والقدرة على مواجهة الصعوبات والمواقف الاجتماعية.


أرجو أن تطبق تمارين الاسترخاء (2136015)، هي مفيدة، ونحن دائمًا ننصح بها، وممارسة الرياضة الجماعية لا شك أنها مفيدة لك كثيرًا، اصرف انتباهك من خلال التركيز على دراستك، واحرص على مرافقة الصالحين والمثاليين من الشباب، طور مهاراتك الاجتماعية البسيطة من خلال تجنب استعمال اللغة الحركية عند الكلام، أن تنظر إلى الناس في وجوههم حين تسلم عليهم، وأن تبدأ أنت بالسلام، وأن ترد التحية بخير منها، هذا فيه شيء من الإحسان، والإحسان يجمّل كل شيء.

بالنسبة للعلاج الدوائي: هذه الأدوية متقاربة ومتشابهة، لكن أنا أعتقد أنك سوف تكون لك تجربة إيجابية جدًّا مع عقار (مودابكس) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين) وذلك بشرط أن تلتزم بتناوله وتصبر حتى تتولد فعاليته الحقيقية.

ابدأ بتناول الدواء بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين، يمكنك أن تتناولها ليلاً كجرعة واحدة، أو بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً، هذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها وبانتظام لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا يوميًا لمدة شهر آخر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، وهنا تكون قد أكملت دورة العلاج من حيث المدة والجرعة بصورة علمية جدًّا.

هنالك دواء آخر يعرف تجاريًا باسم (إندرال)، هناك مستحضر من الإندرال يعرف باسم (إندرال ثمانين) هو نوع من الإندرال بطيء الإفراز، وهو مفيد جدًّا للتخلص من الأعراض النفسوجسدية المرتبطة بالقلق. إذا وجدت هذا الدواء تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

هذه أدوية طيبة وفاعلة، ومتى ما جمعت ما بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي سوف تكون النتائج رائعة جدًّا - إن شاء الله تعالى - .

ولمزيد الفائدة ننصح بمراجعة العلاج السلوكي للرهاب: ( 269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ).

أسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، وجزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً