الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتزوج ممن عرفتها عبر النت؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرفت على فتاة عن طريق النت منذ أسبوع, تحادثنا, وأعجبنا ببعضنا, فتبادلنا الصور وأرقام الهاتف, ثم أصبحنا نتكلم كل يوم, حتى خرجت المحادثات عن المعقول -والخطأ خطأ- إذ بدأت أتفوه بكلام لا يجوز, ورد فعلها كان فيه نوع من القبول ثم الرفض, وقالت لي: استغفر الله, قل أشهد ألا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا رسول الله, بعدها تحادثنا قليلا ثم أقفلت المكالمة.

سؤالي بارك لكم الله: أنا أنوي الزواج, هل أكمل علاقتي مع هذه الفتاة أم لا؟ لأني حاليا مضطرب جدا, فقد أكلتني الوساوس -هل هي بنت حلال أم لا-؟ هل أتزوج امرأة تكلمت معها بهذه الطريقة (يعني ذهب الاحترام)؟ هل يبارك لي الله عز وجل في علاقة بدأتها بكلام لا يجوز؟ هل أظلمها إن تركتها؟

فرجوا عن أخيكم هذا الغم, وما اغتم قلب إلا بمعصية, غفر الله لي ولكم, والله المستعان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية: نشكر لك -ابننا الكريم- هذا التواصل مع موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه. ونشكر لك أيضًا هذا الحرص على السؤال، فإنما شفاء العيِّ السؤال، وهذه روح طيبة، نسأل الله أن يوفقك ويسددك لما يُحبه ويرضاه.

مجرد الشعور بالخطر من الطرفين دليل على أنكما -إن شاء الله تعالى– على خير، وأرجو أن نصحح هذه العلاقة بأن تتوقف، وعليك إذا كنت راغبًا فيها أن تأتي بيتها من الدار، وأن تطلب يدها بعد أن تتعرف على أحوالها، فمن حق الشاب أن يسأل عن الفتاة، ومن حق الفتاة أن تسأل عن الشاب.

وما حصل من الخطأ يحتاج إلى توبة نصوح، والتوبة تجُبُّ ما قبلها، وتمحو ما قبلها، فإذا حصلت منك التوبة وحصل منك الرجوع إلى الله تبارك وتعالى –وحصل منها كذلك التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى– فإنه لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح، وهذه المشاعر التي بدأت بالخطأ نستطيع أن نصححها.

الاستمرار على هذا الطريق لا يُقبل من الناحية الشرعية، ولكن إن كانت إمكانيات تصحيح وإصلاح هذا الفساد وهذا الخلل سهلة وميسورة على الطرفين، فنتمنى أن يسعى كل طرف في الإصلاح, ويسعى كل طرف منكم في أن يصحح هذه العلاقة، بأن يضعها في وضعها الصحيح، وهذا يبدأ بالتوبة النصوح مما حصل.

ثانيًا: بإيقاف هذا التواصل تمامًا، وبعد ذلك إذا كان لك فيها رغبة فننصحك بأن تسأل عنها، من حولها، وتُشرك أسرتك كذلك في السؤال عنها، ثم بعد ذلك عليك أن تأتي بيتها من الدار وتقابل أهلها الأحباب، بعد أن تعرض المسألة على أسرتك، فإن الإسلام لا يعترف بأي علاقة لا تكون تحت ضوء الشمس مكشوفة بهذه الطريقة، وليس هنالك حرج فمن حق كل طرف أن يسأل عن الشريك، عن صفاته، عن أهله، عن أسرته، عن دينه، عن أخلاقه، بالدرجة الأولى عن الدين والأخلاق، فإذا حصل الوفاق والتفاهم أكملتم المشوار، وإن كانت الأخرى فكل إنسان يذهب إلى سبيله ولا حرج في هذا.

فإذن نحن نتمنى أن يكون العلاج لهذا الخطأ بالتوبة -كما قلنا– بتصحيح العلاقة لتكون شرعية، بعد ذلك تنظر هل هناك إمكانية للاستمرار بالطريقة الصحيحة, والحقيقة نشكر للفتاة أيضًا ترددها في البداية وتذكيرك بالله تبارك وتعالى، وإن كنا أيضًا نتمنى أن تستروا هذه الصفحة، ولا تخبروا أحدًا، أن البداية كانت بهذه الطريقة وأننا تكلمنا، ولكن كونها تتردد ثم كونها تتجاوب ثم كونها تذكرك بالله تبارك وتعالى، هذا دليل على أن فيها شيئا من الخير، وأنت أيضًا هذا السؤال وكونك تحرص على أن تسأل دليل على أنك على خير، لكن كلاكما بحاجة إلى توبة من الاتصال الذي حصل، من التوسع الذي حصل، فإن الإسلام لا يعترف بأي علاقة بين رجل وامرأة إلا في إطار المحرمية أو في إطار الحياة الزوجية.

والإسلام يتيح لك ولها التعارف والسؤال، بل يتيح لكم ليس مجرد الصور ولكن النظرة الشرعية في حضور محرم من محارمها، لأن الصور لا تعطي كل الحقيقة، كما أن الكلام الجميل فن يجيده كل أحد، لذلك نتمنى أن توقفوا هذه العلاقة فورًا، وأن تتوبا إلى الله تبارك وتعالى، وأن تبدأ في تصحيح العلاقة بأن تسأل عن الفتاة وعن أهلها وأسرتها –وهي أيضًا من حقها أن تسأل– ثم تتقدم لطلب يدها من أسرتها، ثم تطالب بعد ذلك –من حقك– النظرة الشرعية، أن تجلس معها لتحادثها في حضور محرم من محارمها، ويحصل تعارف بين الأسرتين، فإذا حصل الوفاق والتفاهم والميل فهنا نستطيع أن نقول: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).

نسأل الله أن يقدر لك ولها الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً