الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كذب علي ورفضه والدي لكني ما زلت متعلقة به!!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري 23 سنة، أخطأت حين تعرفت على شاب وأنا في السادسة عشرة من عمري، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان يكبرني بسبع سنوات، ومع مرور الوقت أحببته كثيرًا، وكانت علاقتنا قائمة على الاحترام، دون تجاوزات.

عندما بلغت العشرين، أراد التقدم لخطبتي بشدة، وتحدث مع والدي، لكنه رفضه، وعندما سألت والدي عن السبب، قال: إنه صلى الاستخارة ولم يشعر بالراحة، كما أن الشاب لا يملك منزلًا خاصًا، بل يسكن مع عائلته في شقة صغيرة.

لاحقًا، اكتشفت أن الشاب كان يصاحب فتاة أخرى لمدة ثلاثة أشهر، ثم اعتذر لي وندم، كنت أريد قطع العلاقة والتوبة، لكن بعد ثلاثة أيام اكتشفت أنه مسحور وبدأ في الرقية، لم أستطع تركه في تلك الحالة، فبقيت معه.

مرض لمدة سنتين، ولم يكن يكلم أحدًا، وتغيرت طباعه تمامًا، أصبت أنا باكتئاب شديد، وبعد أن زعم أنه شُفي، لاحظت أن طباعه تغيرت كثيرًا، رغم أنه ما زال مصممًا على العودة لخطبتي، لكنني أعلم أن والدي لن يقبل؛ لأن شرطه لم يتحقق.

ثم صارحني بأنه متزوج من جنية، وأنه يجامعها ويحبها، وأنها جميلة وقد يكون له منها أطفال، أصبت بصدمة كبيرة وحزنت حزنًا شديدًا. أصبح يتناول أدوية للاكتئاب، وتحول إلى شخص بارد.

بعدها، جربته من حساب فتاة لأتأكد من صدقه، فتحدث معها وأراد اللقاء بها، وأُعجب بها (أرسلت له صورة فتاة أجنبية مشهورة لكنه لا يعرفها)، ثم طلب السماح وألحّ على خطبتي لمدة سبعة أشهر، لكنني أعلم أنه يكذب، فقد كذب علي كثيرًا.

أصبت بخيبة أمل كبيرة، وكنت دائمًا أقوم الليل وأدعو الله، لم أقبل به، لكن طوال تلك الفترة كنت أبكي؛ لأنني أحببته حبًا شديدًا، رغم حرصي على الصلاة، وحفظ القرآن، وقيام الليل، وحرصي على عدم ارتكاب المعاصي، لكن هذا هو الذنب الوحيد الكبير الذي أرهقني.

أريد التوبة، لكنني أتذكره دائمًا وأقول: ربما هو مريض، فأخاف عليه أن يموت، وأرى كوابيس بأنه مريض.

انصحوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك ولا ريب أن تواصل الفتاة المسلمة مع أي شاب، عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، يعد أمرًا عظيمًا مخالفًا للشرع الحكيم؛ وهذا كله بسبب هذا الانفتاح غير المنضبط بالشرع.

فنصيحتي لك أن تحذري من الوقوع في حبائل الشيطان، بما يسمى حب وغرام، وما هو إلا اتباع لخطوات الشيطان، وتواصلك معنا في إسلام ويب لطلب النصيحة، عنوان خير فيك، لا سيما أنك ذكرت محافظتك على الصلاة، وقيامك الليل، فهذا كله لا يضيع عند الله تعالى، ولكن مكمن الداء هو في عدم استطاعتك ترك هذا الشاب.

التواصل لا بد أن يقطع، فقد يجر الإنسان إلى ما لا تحمد عقباه؛ فإن حبائل الشيطان تكون خطوة خطوة، فنصيحتي لك بغض البصر والتزام الحجاب، والابتعاد عن مواطن الفتنة؛ فإن في ذلك صيانة للفتاة المسلمة، فإنه في الحقيقة لا يصح شرعًا، ولا عقلًا، ولا عرفًا، أن تعلقي نفسك بهذا الشاب، وخاصة أنه صار متعودًا ومتجاسرًا على إقامة علاقة مع فتيات أخريات، عن طريق مواقع التواصل، بناء على محتوى رسالتك، واختبارك له؛ ولذلك النصيحة مني لك بالابتعاد عنه، وقطع العلاقة من جذورها، وذلك للأمور التالية:

1- لعدم موافقة الوالدين على قبول الزواج من هذا الشاب، وخاصة الأب، فوالداك حريصان عليك كل الحرص على إسعادك، ولا سيما الوالد، فإن عنده خبرة في الحياة، فلا تخرجي عن طوعه.

2- أيضًا حياة هذا الشاب ليس لها ضابط في تواصله مع الفتيات، تواصل معك لسنوات عدة، وتواصل مع فتاة أخرى ثلاثة أشهر، ثم في الاختبار الذي اختبرته وسقط في هذا الاختبار، حيث إنه انطلت عليه هذه الحيلة، فظنك فتاة أخرى فأراد مراسلتها، معتقدًا أنها فتاة أخرى، وهذا ليس له أمان بعد الزواج، ولا تدرين أيضاً كم يعرف من البنات حالياً!

3- مرضه المزعوم، واضح أنه يحاول استمالتك أكثر، ويريد جذبك له بهذه الحيلة، فيدعي المرض؛ لأنه يعلم أنك ستستمرين معه بهذه الطريقة، فهو يعرف نقطة ضعفك، وادعاؤه الاكتئاب، وتحوله لشخص بارد، هذا معك فقط؛ ليستنزف مشاعرك، وهو يعيش حياته، وأنت تتألمين من أجله.

4- مسألة زواجه من جنية وصفها بالجمال، وأنه ربما يكون عنده في المستقبل أولاد منها؛ هذا يدل إما على اختلال عقله، أو أنه يكذب، كما هي العادة في ادعائه المرض.

ومن خلال هذه الأسباب التي أظهرناها لك، لا بد من قطع العلاقة به، ولعل الله تعالى في مستقبل الأيام أن يهيئ لك شابًا صالحًا، يكون سببًَا في سعادتك في الدنيا والآخرة.

أختي الفاضلة: أنت فتاة فيك الخير والصلاح، بدليل أنك تقولين إنك تقرئين القرآن، وتحافظين على الصلاة وقيام الليل، فإن شاء الله ستوفقين إلى ما فيه الخير، وعليك بالهمة العالية، والعزيمة الأكيدة، على ترك هذا الشاب طاعة لله تعالى، ثم طاعة للوالدين، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، وإن شاء الله ستذهب عنك هذه الكوابيس، فنامي على وضوء، وذكر لله تعالى.

وفي الأخير: أسال الله أن يصرف عنك التعلق بهذا الشاب، وأن يرزقك زوجًا صالحًا تقر عينك وعينا والديك به، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً