الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستخدم البروزاك لعلاج مشاكلي النفسية أم أن لكم رأياً آخر؟

السؤال

السلام عليكم.

أسأل الله أن يوفقكم، ويجزيكم خير الجزاء على هذا الموقع، وأسأل الله أن أجد فيه ضالتي، عمري 22 عاماً، واستشارتي تتمحور في الآتي:

أولاً الاكتئاب: بين الفينة والأخرى أشعر بالاكتئاب، لدرجة أني أشعر بأن الحياة ليس لها معنى، وأود البكاء لعل وعسى أن ينشرح صدري، علماً أنني محافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة، ومحافظ على الأذكار، لكن لم أستطع التخلص من الاكتئاب.

ثانياً الرهاب الاجتماعي: وهذا من أكثر الأشياء التي حطمتني، لا أستطيع أن أتحدث أمام الآخرين إلا وأسمع نبض قلبي في أذني، ولا أستطيع أن أبادر وأسأل أي سؤال لأي كائن من كان خوفاً من ردة الفعل، وأنا أدرس التمريض، حتى المرضى لا أستطيع أن أقوم بأخذ الضغط والحرارة لهم إلا بعد عناء طويل، وبعد تثاقل الخطوات وزيادة في النبضات.

ثالثاً الوسواس: أعاني من الوسواس الأخطر وهو وسواس في الذات الإلهية -أستغفر الله العظيم- والوسواس الثاني في الوضوء، دائماً أنسى هل مسحت على رأسي أم لا! وأقوم بإعادة الوضوء ابتداءً من الرأس، ولقد وجدت حلاً للوسواس الأول، أتدورن ما هو؟ أن ألهي نفسي بالأفلام والمسلسلات والعادة السرية، لكي لا أفكر، أسأل الله المغفرة.

رابعاً الدراسة: لقد كنت من المتفوقين في دراستي، ولكن لا أعلم ماذا حصل لي! لا أستطيع أن أمسك بالكتاب حتى في وقت الامتحان، أمسك بالكتاب وأتنهد وأقول: في وقت لاحق، ليس الآن، وأبقى هكذا إلى أن يأتي وقت الامتحان، وهنا تقع المصيبة، لدي طموح وحلم وعزيمة، لكن لم أستطع أن أتقدم! وقد كنت في السابق لو مسكت الكتاب فإنني أمسكه لعشر ساعات متواصلة، لا أكل ولا أمل حتى أنهي ما في يدي.


خامساً محاولاتي مع العلاج: حاولت بشتى الطرق وبالقراءة والبحث عن حلول، وعن طريق سؤال أشخاص متخصصين في الطب البديل، وخصوصاً عن الرهاب، فقالوا لي: عليك بأكل لحم الديك! ولم يجد نفعاً، والوسواس -كما قلت- بإلهاء نفسي بالذنوب -والعياذ بالله- والدراسة حاولت أن أدفع نفسي إلى ما كنت عليه سابقاً، لكن فشلت محاولاتي.

لقد توصلت إلى دواء بروزاك، وذهب للصيدلية لكي أشتريه، لأنه ضاقت بي السبل، ولكن قلت أن أستشيركم يا إخوتي

وأخيراً النوم: لا أشعر أنها مشكلة، ولكن قد تكون مفيدة في تشخيصكم، نومي خفيف لدرجة أن أي شخص يمشي بجانبي بدون أن يصدر صوتاً أشعر به وأستيقظ من النوم، وإذا أحد أفراد أسرتي أيقظني أستيقظ فزعاً مع أنفاس سريعة ونبضات أسرع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أنت بالفعل تعاني من مخاوف اجتماعية، وتعاني من وساوس، ولديك درجة بسيطة من الاكتئاب، وهذا كله أخل بتركيزك وتدبيرك في إدارة حياتك، أنت لا تعاني من علل مختلفة، هي كلها علة واحدة، قلق المخاوف الذي أدى إلى الوساوس، ومن ثم الاكتئاب الثانوي.

العلاج -إن شاء الله تعالى- متوفر جدًّا، العلاج الدوائي مهم وضروري، من نصحوك بأكل لحم الديك، لا أعتقد أنها نصيحة جيدة، ولا أرى أن لها أساساً علمياً، الأمر واضح جدًّا، وهو ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله، فتداووا عباد الله، وإن شاء الله تكون من الذين يعلمونه.

الطريق واضح أخي الكريم، الوساوس والمخاوف والاكتئاب مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتغيرات في كيمياء الدماغ، تخص بما يعرف بالناقلات العصبية، وما دمنا نتكلم عن شأن وأمر ومادة بيولوجية فهذه لا يمكن أن تصحح إلا بيولوجيًا، هذا لا يعني أننا نقلل الأمور العلاجية الأخرى مثل تغيير نمط الحياة، والتفكير الإيجابي، وممارسة الرياضة، وإدارة الوقت بصورة جيدة، والحرص على العبادات، هذه كلها ثوابت مهمة جدًّا لأن تحرك الإنسان إيجابيًا وتساعده لأن يتغير معرفيًا لهزيمة الاكتئاب.

أنت تخيرت عقار بروزاك، لا بأس به، عقار جيد، لكن الذي أفضله لمثل حالتك هو عقار (زولفت) والذي يسمى تجاريًا أيضًا باسم (لسترال) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) لأن السيرترين دواء فعال في علاج المخاوف، وكذلك الوساوس والاكتئاب، والبروزاك أيضًا يمكن أن يعالجها، لكن فعاليته في علاج المخاوف قد يكون أقل وإن كان قد يكون علاجًا رائعًا جدًّا في علاج الاكتئاب وكذلك الوساوس.

فإن أردت أن تستمر على البروزاك فلا مانع في ذلك، ابدأ بكبسولة واحدة في اليوم، تناولها بعد الأكل، ويجب أن تتناوله في فترة الصباح حتى لا يضعف نومك أكثر، بعد ذلك اجعل الجرعة كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وبالنسبة للنوم: أكثر من ممارسة الرياضة، تجنب النوم النهاري، واحرص على أذكار النوم، ولا تتناول الشاي أو القهوة بعد الساعة السادسة مساءً.

أما إذا كان اختيارك هو السيرترالين (زولفت) فالجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تتناولها ليلاً عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة شهر – يفضل أن تتناوله ليلاً لأنه يحسن النوم قليلاً – بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أنت محتاج أن تختار أحد الدوائين وليس كلاهما، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، واحرص على مهنتك، فالتمريض مهنة ممتازة وإنسانية، والآن توجد حاجة كبيرة لهذه المهنة؛ للنقص المريع في عدد الممرضين في أنحاء العالم.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً