الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف ورهبة وقلق عند الحديث مع الناس.. هل هو حياء أم خجل أم كبر؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 29 سنة، من اليمن عازب، أعاني من خوف ورهبة عند التكلم في أمور مع الناس حتى لو كانت لمصلحتي الشخصية، لأنه ينتابني شعور داخلي أن هذا الشخص سيرفض وأنه لن يتقبلني، وأنه سيجرحني، لا أعرف هل هو حياء أم خجل أم كبر؟

أريد التخلص منه؛ لأن هذا يؤلمني كثيرا، وأشعر أني لست طبيعيا.

وأعاني من حالة قلق تنتابني، وأحيانا تكون مصاحبة بتقلص في القولون، كنت أستخدم ايبركس عندما تأتي فنصحني الدكتور أنه يفقد الرغبة الجنسية، وبعدها استخدمت denxit حبة عندما يأتيني القلق، وأحيانا ألجا إلى تدخين سيجارة لكي أتخلص من القلق، أفيدوني في حل مشكلتي، وجزاكم الله خيرا، وجعله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي بك - إن شاء الله تعالى - ليس كبرا، ولا أعتقد أنه خجل، إنما هو رهاب اجتماعي بسيط مع الحياء.

من الأسس الضرورية جدًّا أن تتدارس فكرة الخوف والرهبة، وتحاول أن تخضعها للمنطق، سوف تجد أنها غير منطقية أصلاً؛ لأن البشر هم البشر، وأنت لا ينقصك شيء ولست بأقل منهم، فحاول أن تصحح مفاهيمك على هذا الأساس.

وحقيقة أخرى أود أن ألفت نظرك إليها -وإن شاء الله- تساعدك كثيرًا، وهي أن شعورك بالرهبة هذا شعور داخلي خاص بك، وليس مكشوفًا أو معروضًا للآخرين، ولا يطلع عليه أحد.

كثير من الأخوة الذين يعانون من الخوف والرهبة في المواقف الاجتماعية قد يأتيهم تسارع في ضربات القلب، أو الشعور بالتلعثم أو الرجفة، وهذا كله ليس حقيقةً، أو إن كان فيه شيء من الحقيقة فهنالك مبالغة.

القصد الذي ذكرته لك هو أن أداءك أمام الآخرين أفضل بكثير مما تتخيل وتتصور، إذن هذان الجانبان هما في الأصل جوانب معرفية، والجانب المعرفي مهم جدًّا للتخلص من القلق.

بعد ذلك حاول أن تقوم بتطبيقات تساعدك في التخلص من هذا الخوف الاجتماعي، وهذه التطبيقات تكون متدرجة، وهذا يسمى بالتحصين التدريجي، ابدأ بأن تعرض نفسك في الخيال لمواقف اجتماعية، وهذا التمرين يتطلب أن تتصور أنك تصلي بالناس (مثلاً) في المسجد، أو أنه طُلب منك أن تقدم عرضًا ما، أو حديثا ما أمام مجموعة كبيرة من الناس، أو كانت هنالك مناسبة في المنزل، ومن الضروري أن تقوم بواجبك حيال الضيوف (وهكذا).

هذه الأمثلة التي سردتُها عليك هي واقعة في الحياة، وتحدث، والشيء الذي يلامس الواقع يجب أن نقتنع به ويجب أن نؤديه، والتطبيقات العملية ليست صعبة، بل هي سهلة جدًّا، هنالك تفاعلات اجتماعية تفيد الإنسان جدًّا دون أن يحس فيها برهبة حقيقية، مثلاً الحرص على الصلاة في المسجد، مشاركة الناس في مناسباتهم الاجتماعية، زيارة الأهل خاصة من كبار السن والأرحام، زيارة المرضى في المستشفيات، المشاركة وحضور الدروس والأنشطة المختلفة، الانخراط في الأعمال الخيرية والتطوعية.

هذه كلها مؤهلات وسبل، وطرق ممتازة جدًّا؛ لأن تحسن عند الإنسان مهاراته الاجتماعية، ومن ثم تواصله، وفي نفس الوقت - إن شاء الله – له ثواب الآخرة، فكن حريصًا عليها.

الجانب الآخر في العلاج: هنالك دراسات أشارت – وهي دراسات كثيرة حقيقة – أن تمارين الاسترخاء مطلوبة جدًّا لعلاج قلق الرهاب أيًّا كان نوعها، حتى وإن كان وسواسيًا، بهذه المناسبة لدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن تتصفحها، وتحاول أن تطبق ما بها من إرشادات نفسية، سوف تفيدك.

الرياضة مهمة، ونحن نكرر ذلك كثيرًا.

بقي موضوع العلاج الدوائي: لا تُكثر من تناول اللابراكس، والديناكسيت لا بأس به، لكن الدواء الأفضل لك هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل)، واسمه العلمي (سلبرايد) هذا الدواء تناوله بجرعة كبسولة واحدة ليلاً لمدة أسبوع، بعد ذلك تجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة مساءً لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا هو الدواء المساعد، أما الدواء الرئيسي فهو عقار يعرف علميًا باسم (سيرترالين)، وهو موجود في اليمن، له مسميات تجارية كثيرة منها (زولفت) ، (لسترال) لكن ربما تجده تحت مسمى آخر في اليمن، خاصة الأدوية التي تُستورد من الأردن والهند، أدوية جيدة، وتأتي دائمًا تحت مسميات تجارية مختلفة.

جرعة السيرترالين هي نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناولها ليلاً لمدة أسبوع، وبعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

لا تنشغل أبدًا بموضوع المؤثرات الدوائية على الرغبة الجنسية، هذه قد لا تحدث، وإن حدثت فهي عابرة تمامًا.

أخي الكريم: التدخين لا خير فيه، وحتى إن كان النيكوتين (Nicotine) يُشعرك بشيء من الارتياح، لكن مشاكله أكثر من نفعه.

نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً