السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
مشكلتي منذ 6 سنوات: زوجي رجل فاضل يخاف حدود الله, غير أنه منذ زواجي مستمر في ألعاب الكمبيوتر, والانترنت ـ ألعاب عبارة عن دائرة مستمرة من قتل الوحوش شبه العارية والممسوخة بأسماء السحرة ـ.
يلعب مع أناس من كل أنحاء الدنيا, يتنافسون فيمن يقتل وحوشًا أكثر.
في بداية زواجنا كان يقول لي: إنه ليس من حقي أن أطلب منه النوم معي ليلًا, حيث إنه يحب أن ينام مثلًا ساعتين, ثم يقوم باللعب إلى أن يتعب, ثم ينام ساعتين, ثم يعمل أو يلعب, وينام, وهكذا.
كان حينئذ يدرس الدكتوراه في الخارج, وعندما حملت بطفلي الأول كنت وحيدة بلا أهل, ولا أنيس بعد الله سواه, كنت مريضة وأحتاج إلى وجوده بجانبي, كنت أسهر الليل بالبكاء لحاجتي إليه, وهو مصر على السهر في لعبه, لأنه ليس من حقي أن أطلب منه أن ينام وقتما أشاء, وأنتظره, حتى أصبحت أنتظره بالساعات, حتى أسقط نائمة على الأريكة من التعب, وأنا في حملي الثالث في شهري التاسع بجانبه بعد يوم من ذهابي للمستشفى, ورعاية طفلين أكبرهم 3 سنوات. وإذا عاتبته على ذلك يخبرني أنه لم يجبرني على ذلك.
لكن يا شيخي ما يحملني على انتظاره غير أنسي به وحاجتي إليه؛ أنه كان عليّ أن أتأكد من نومه بضع ساعات, كي يتمكن من الذهاب لعمله في الصباح, وإلا نام.
ومن الطبيعي أن نستيقظ كل يوم على قوله: ماذا يحدث لو لم آخذ الولد للمدرسة؟ أو تأخرت عن العمل؟ لأني لم أنم البارحة!
وهكذا استمر الحال بيننا, خلافات بسبب هذا الموضوع إلى أن توقف عن الدكتوراه, وكان أحد الأسباب إضاعته لوقته في هذه الألعاب مما أدى إلى مشاكل كبيرة جدًا بينه وبين والداه, وأثر ذلك على حياتنا عامة, وبشكل سيء للغاية, حتى أنهم أخذوا شقة زواجي مني.
حاولت بكل السبل استرضاءه, والتقرب منه, ومشاركته اللعب, وتشجيعه على الذكر, أو الرياضة, والخروج مع رفاقه, حتى أني توسلت إليه أن يحدد مثلًا: ساعة أو اثنتين في أيام الأسبوع للعب.
حاولت كل شيء معه, أخبرته أني لن أسامحه, توسلت إليه أن يرحمني, أخبرته كم تشتعل النار في قلبي كلما رأيته يلعب, لأن ما أصاب حياتنا من خراب هو بسبب هذا اللعب.
تأخر عن أقرانه في دراسته وعمله, بعد أن كان سابقًا لهم وأصبح لا يريد أن يبذل أي مجهود, لا في العمل ولا في تحسين دخله.
إهماله لي ولأبنائه مقابل طلبي منه كيف يروح عن نفسه.
لدي 3 أبناء أكبرهم ولد في الخامسة, أصبح يرى ويفهم ما يفعله أبوه, وأخيرًا اقتنع ألا يلعب أمام الأولاد, بل بعد أن يخلدوا إلى النوم, فيقضي الآن (1-5 ) ساعة يوميًا في اللعب, وأثناء استيقاظهم يقرأ عن الجديد في الألعاب, وكيف يطور من أدائه, ويحادث الآخرين ويكتب مقالات عنها.
إني أخشى عليه من ضياع شبابه, وما أصبحت أجد في نفسي تجاه تصرفاته.
إنه لا يقدر أن يقضي يومين دون أن يلعب, لكن لا يحزن إن لم يلعب مع أولاده, بل والأدهى أن هذا اللعب لا يخفف عنه أعباء الحياة, بل يكبت همومها في نفسه, ويزيد من توتره, وفي النهاية بُعد عن الله, وعن أهله.
إني أتألم حزنًا, ولا أريد أن أفقد آخر احترام له, كنت دائمًا أراه الأب المعلم, والقدوة, والرجل الذي يعطي لكل ذي حق حقه.
ابني الأصغر لديه عيب خلقي, وأقضي معظم الوقت في علاجه, ورعايته, وأكبر أبنائي عمره خميس سنوات.
أنا وحيدة, وليس لي بعد الله غيره, أحتاج لسماع رأيه, لرعايته, لشعوري باهتمام زوجي, ويعلم الله كم وصلت بيننا الأمور.
كم قال لي: مرارًا سألعب وليس من حقك أن تطلبي مني التوقف مادام بيتك مفتوحاً, وسأعمل ما يحلو لي, وإن لم يعجبك فارحلي.
الآن أقضي بعد الساعة الثامنة كل يوم في إشغال نفسي عنه, وإنهاء مهام البيت, وأظل أدور كنحلة لا تكل, وأراه جالسًا أمام شاشته لا يتحرك بالساعات.
أصبحت أشعر بالغضب, والنفور منه, وكلما اشتد بي الحال دعوت الله, وتوسلت إليه كثيرًا, غير أني لم أرتح أبدًا أن ما يفعله هذا حق.
أعرف أن الله مع الصابرين, لكن لا أريد أن أعينه على معصية بسكوتي, أو تدمير نفسه وبيتي.
أنا أحمل مسؤولية كبيرة, ويعلم الله كم أحتاج إلى من يعينني لا من يهدمني, ويهدم ما أفعله.
هل من الحلال ما يفعله؟ هل يعتبر هذا من اللهو المباح؟ هل من حقي الطلب منه التوقف عن هذه الألعاب؟
أرجوكم اعذروني على طول سؤالي.