الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سرعة انفعال وعشوائية وخوف من الآخرين..هل من حل لمشاكلي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود معرفة كيف أتعامل مع مشكلاتي النفسية والسلوكية، وقد حصرتُ جزءًا منها فيما يلي، راجيًا منكم التوجيه والنصح، جزاكم الله خيرًا:

سرعة الانفعال والاستعجال في اتخاذ القرارات دون ترتيب للأولويات، مع الميل إلى العشوائية.

صعوبة في فهم لغة الجسد وتفسير كلام الآخرين، مع إصدار أحكام مسبقة -سلبية أو إيجابية- بناءً على الشكل أو نبرة الصوت.

التردد في اتخاذ القرار، والاعتماد على آراء عدد كبير من الزملاء والأصدقاء قبل الحسم.

تقلب المزاج بسرعة، وسرعة في الحديث، وكثرة مقاطعة الآخرين أثناء الكلام.

محاولة إخفاء المشاعر الحقيقية، ومسايرة الآخرين، وكثرة الابتسام في وجوههم حتى في غير موضعه.

مراعاة مشاعر الآخرين على حساب النفس، والمبالغة في مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.

عدم تقبّل النقد، مع الميل أحيانًا إلى نقد الآخرين نقدًا لاذعًا.

الشعور بالغيرة أحيانًا من الآخرين.

الميل إلى الوحدة، والاكتفاء بعدد قليل من الأصدقاء.

الترحيب الحار بزملاء العمل عند اللقاء الفردي، والاكتفاء بالسلام عن بُعد عند اللقاءات الجماعية.

قبول المهام الوظيفية من الرؤساء دون نقاش، وتأجيل ما يصعب تنفيذه، مع التذمّر لاحقًا أمام الزملاء من كثرتها.

التركيز على عيوب الآخرين، والتقليل من شأن عيوب النفس أو إنكارها.

تجنّب حلّ المشكلات، أو إنكار وقوعها خصوصًا إذا كان حلّها صعبًا، حتى تتفاقم، ثم الاكتفاء بالتنفيس عنها أمام المقربين.

الميل إلى الشكوى، والشعور بالحزن والاكتئاب لفترات طويلة، والإحباط خلال فترات تراكم المشكلات.

عند الغضب، يتغيّر الصوت، ويحدث عنف لفظي تجاه مصدر الغضب أو تجاه آخرين لا علاقة لهم بالموقف.

التعامل مع القلق والضغوط النفسية بالإكثار من الأكل والنوم، وقضاء وقت طويل أمام الإنترنت، أو التحدّث يوميًا مع الأصدقاء المقربين ولقائهم.

صعوبة قول (لا)، ورفض طلبات المساعدة من الآخرين.

المبالغة في الإحساس بالفرح والحزن.

الضحك غالبًا ما يكون بصوت عالٍ ومبالغ فيه.

أشعر بفرح كبير حينما يمدحني الآخرون.

أغضب بشدة حينما يتجاهلني الآخرون.

لدي خوف مفرط من التعامل مع المدراء وأصحاب المناصب، ولا أتمكن من التعبير عمّا أريد أمامهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا أريدك أبدًا أن تنعت نفسك بأنك تحمل سمات نفسية في شخصيتك أو طباعك، هذا ليس صحيحًا.

هنالك ملاحظات أوردتها من خلال الاثنتين وعشرين نقطةً التي ذكرتها، وإذا أخذنا عددًا كبيرًا من الناس، وأجرينا مسحًا بحثيًا عليهم، فأنا متأكد أننا سوف نجد عددًا كبيرًا من الناس يُشاركك نفس ما تحس به حيال ذاتك؛ فالأمر نسبي، والإنسان حين يقيم نفسه فإنه دائمًا ما يكون هنالك نوع من الاندفاع والانفعال السلبي الذي يؤدي إلى نوع من المبالغة في تقييم الذات، وتتجسد الصغائر، وتنحصر الإيجابيات، ويكون الإنسان دائمًا مقيمًا لذاته التقييم السلبي، وهذه مشكلة كبيرة جدًّا.

كل السمات التي ذكرتها ليست كلها سيئةً، على العكس تمامًا؛ بل فيها ما هو مطلوب، وقد يكون في كلامي هذا مبالغة، ولكن في ذات الوقت أقول لك: الذي أقصده أنك يجب أن تأخذ الأمور أخذًا نسبيًا؛ فالغضب مطلوب حين يتجاهلك الآخرون، وهذا ليس مرفوضًا أبدًا، لكن كيف أعبر عن غضبي؟ كيف أدير غضبي؟ هذا هو الذي يجب أن تعرفه، ويجب أن تتقنه، وتتفاعل معه بصورة صحيحة.

الضحك يكون غالبًا مبالغاً فيه، ويكون بصوت عالٍ، ويمكن أن يُهذب الإنسان نفسه من خلال تدريبها على أن مثل هذا الانفعال أو التصرف ليس صحيحًا.

أنا لديَّ وجهة نظر حول ما يسمى بسمات الشخصية، وأنا أقول هذا الكلام بكل تواضع: أعتقد أن معظم ما ذُكر حول تحليلات الشخصية وأنماطها ليس دقيقًا، وليس صحيحًا، وفيه الكثير من المبالغات، وقد يكون هو مجرد مؤشر يمكن الاسترشاد به، ولكن ليس من الضروري أن نأخذ به.

أخي الكريم: تعامل مع نفسك بعفوية أكثر، لا يمكن أن نكون مدققين ومنضبطين في كل شيء، نعم نحاول جهدنا بأن نرفع من مستوى ذكائنا العاطفي، وأعتقد أنك محتاج لأن تطلع على بعض الكتب التي كُتبت بما يسمى بـ (الذكاء الوجداني)، أو (الذكاء العاطفي)، وخاصةً الكتاب الذي كتبه (دانيل جولمان)، هو أول من كتب في هذا العلم في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وأعتقد بأخذك ببعض توجيهاته، وأفكاره، سوف تجد أن ذلك مفيدًا جدًّا؛ لأن الذكاء العاطفي هو الذي يجعلنا نتواءم مع أنفسنا ومع الآخرين، ونتواءم مع ذواتنا، ونصحح أخطاءنا، ونتغلب على المشاعر السلبية، وفي ذات الوقت كيف نتعامل مع الآخرين.

أعتقد أن هذا هو الذي تحتاج إليه، ومن الواضح –أيها الفاضل الكريم– أن ذكاءك المعرفي أو الأكاديمي مرتفع جدًّا، وهذا أمر جيد، فقط حاول أن تدرب نفسك على بعض التمارين المتعلقة بالذكاء الوجداني، أو الذكاء العاطفي، ولا تحكم على نفسك أحكامًا سلبيةً –هذا مهم جدّا-.

أعتقد أن تفكيرك أيضًا لا يخلو من شيء من الطابع الوسواسي البسيط –أرجو أن تسامحني في ذلك-.

عدم تقبل النقد: هذا سمة من سمات الذين يعانون من شيء من الوساوس.

التردد في اتخاذ القرارات: هذا لا شك أنه في جوهر التفكير الوسواسي، وهذا غالبًا يتغلب عليه الإنسان بأن يأخذ موضوع صلاة الاستخارة مأخذ الجد.

في هذه المرحلة أنا لا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي، وإنما مجرد تبسيط الأمور بصورة أكثر، والنظر في الجوانب الإيجابية، لا تدقق في سمات شخصيتك، وكما قلت لك حاول أن تقوم ببعض الاطلاعات المعرفية حول الذكاء العاطفي، وتطبق بعض التمارين الخاصة به، وهناك كتب جيدة في علم الذكاء العاطفي -كما ذكرت لك-، وهناك أيضًا كتب جيدة لمعرفة كيفية التعامل مع الذات مثل: كتاب الدكتور/ بشير الرشيدي، والذي يسمى (التعامل مع الذات) أراه من المؤلفات البسيطة، وسهلة القراءة، والمفيدة.

أخيرًا: حاول دائمًا أن تطور نفسك في المجال المعرفي، والمجال المهني، والتواصل الاجتماعي، ودائمًا نقول: بأن الرياضة مهمة، كما أن إدارة الوقت بصورة صحيحة أمر ضروري جدًّا، ومهم جدًّا، ومفيد جدًّا للإنسان، ودائمًا حاول أن تقبل الناس كما هم لا كما تريد، وأعتقد أن ذلك أيضًا يريح الإنسان في بعض الأحيان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً