الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهلكني جحيم الاكتئاب، كيف أتجاوزه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

عمري 26 عاماً، وغير متزوجة، أعاني من اكتئاب منذ سنوات، لكن السنة الماضية اشتد وذهبت لطبيب نفسي، ولم ينفع العلاج بسبب المشاكل داخل المنزل، وقطعت العلاج والمراجعات من دون أي تدرج، والآن عادت لي حالة الاكتئاب، فأنا في بكاء طيلة الوقت، ولا أستطيع النوم من الكوابيس الموحشة والأصوات التي تفزعني من النوم، ولا أرى أي أحد، أنا أطلب منكم المشورة والحل، لأن حياتي جحيم، والشيء الأكبر صرت أكره أمي، وأحملها ذنب كل شيء، وأعاتبها دائماً، وأصرخ بوجهها، ثم أندم وأبكي، وهي مريضة بالضغط، وكلما أغضبتها يرتفع ضغطها، وأنا طيلة اليوم في بكاء وتأنيب، وبالوقت نفسه لا أقدر أن أعيش طبيعية وأرجع علاقتي معها، أرجوكم ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ح-خ-ج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أتفق معك أنه لديك أعراض اكتئابية، مع زيادة النوبات الانفعالية لديك، فالاكتئاب كثيرًا ما يجعل تحمل الإنسان قليلاً، تحمله النفسي وتحمله العصبي، وتحمله الوجداني وحتى الجسدي، فالاكتئاب يؤدي إلى إنهاك تام.

الاكتئاب في مثل سنك -أيتها الفاضلة الكريمة- يتم التعامل معه على مبدأ (يجب أن أهزم الاكتئاب، وسوف أهزم الاكتئاب)، أنت ذكرت أنه قد جعل حياتك جحيمًا، لا، يمكنك أن تهزميه، يمكنك أن تتخلصي منه تمامًا، وذلك من خلال: أن تكوني إيجابية في تفكيرك، أن لا تحتقني، وأن تعبري عن ذاتك، وأن تعرفي أن الانفعال في وجه والدتك هو أمر قبيح، ولا نستطيع أن نقول أنه ليس تحت الإرادة، فهو تحت إرادتك، لا داعي أن تصرخي ثم تأتي وتندمي مما يزيد عليك الاكتئاب، وإذا عبرت عن نفسك مبكرًا وبصورة مرتبة، سوف تزول عنك الاحتقانات النفسية.

من المهم جدًّا أن تجعلي لحياتك هدفًا (أين أنت؟ من أنت؟ ماذا تريدين أن تقومي به؟) ابعثي في نفسك مثل هذا النوع من الفكر، وحددي لنفسك مهامًا يجب أن تلعبيها في هذه الحياة لتكوني مفيدة لنفسك ولغيرك، إذا طاوعت المشاعر الاكتئابية والأفكار الاكتئابية، فسوف تكون أفعالك الإيجابية قليلة جدًّا، لكن إذا كان هنالك إصرارًا من جانبك وعزيمة، وقناعة تامة بأن تكوني مساهمة بمساهمات إيجابية، سوف تجدين أن الكثير من الإنجازات قد حصلت، وهذه سوف تتبدل المشاعر وتتبدل الأفكار، وتصبح كلها إيجابية -بإذن الله تعالى-.

النقطة الأخرى: قطعًا أنت في حاجة لعلاجات دوائية، وحقيقة أنت محتاجة لدواء واحد فقط، ليس أكثر من ذلك، اذهبي إلى الطبيب النفسي، تشاوري مع والدتك، وأعتقد أن عقار مثل (سبرالكس Cipralex) سيكون مفيدًا لك جدًّا، أنت قبل ذلك سألت عنه وعن آثاره السلبية، وأنا أقول لك أنه دواء جيد.

والدواء الثاني هو عقار (برسيتج Prexige)، ويعرف باسم (دسفلافاكسين desfenlafaxine)، جرعته هي خمسين مليجرامًا، يتم تناولها يوميًا، حبة في المساء لمدة ستة أشهر، بعد ذلك حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناوله.

أما الـ (سبرالكس Cipralex) فجرعته هي خمسة مليجرام –أي نصف حبة– يتم تناولها يوميًا لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعليها عشرة مليجرام يوميًا لمدة خمسة شهر، ثم خمسة مليجرام لمدة شهر، ثم مثلها يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا هو الذي أنصحك به، وبالنسبة لصعوبة النوم والكوابيس، هذه قطعًا ناتجة من الاكتئاب ومن القلق، لكن لتساعدي نفسك في هذا السياق وتنامي نومًا معافىً -إن شاء الله تعالى-: احرصي على أذكار النوم، وتجنبي تناول الطعام ليلاً، وجبة العشاء تناوليها خفيفة ومبكرة، ولا تتناولي الشاي والقهوة أيضًا في فترة المساء، وتجنبي النوم النهاري، ومارسي بعض التمارين الرياضية خاصة في أثناء النهار.

بارك الله فيك، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً