الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بنوبات فزع وقلق في الشهر الثامن تمنعني من النوم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا حامل في الشهر الثامن، قبل دخولي الشهر الثامن على نهاية الشهر السابع، ظهرت عندي نوبات قلق وفزع شديدة في النوم، وأحياناً أنام لساعة واحدة من الليل إلى الساعة التاسعة صباحاً، ثم أنام لساعتين فقط، وأتناول الغداء ثم أنام إلى الرابعة عصراً، وهذا الوضع يتعبني إلى درجة أنه عندما يأتي وقت النوم، يأتيني شعور بالخوف والضيق والبكاء، فأذهب وأتوضأ، وأصلي وأقرأ القرآن، وأثناء ذلك أستمر بالبكاء إلى أن أتعب ويخف الشعور، وهذا سبب لي توتراً في حياتي الزوجية، لا أدري ما الذي تغير فيّ!

علماً أني لم أكمل عاما على زواجي، وأعيش في مكة بعيداً عن أمي وأبي، وليس عندي أحد هنا، وأريد العودة إلى بلدي وأهلي، وأكون وسط والدتي ووالدي، لكن الحياة الزوجية وبعد المسافة يمنعان ذلك، مما أدى إلى زيادة الأعراض، فأنا متعبة جداً، وأخشى أن تتعسر ولادتي بسبب حالتي النفسية، وهي التجربة الأولى لي في الولادة.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله الذي أسدى لك ووهب لك هذه النعم العظيمة: نعمة الزواج، والحمل في بداية الزواج، وأنك تعيشين في البلد الحرام، أطهر بقعة على وجه الأرض، هذه الإيجابيات العظيمة حرم منها الكثير من البشر، هذه لا بد أن تكون دائمًا في خُلدك وذاكرتك وكيانك، لأن الإنسان يتحسن مزاجه كثيرًا إذا قدَّر إيجابياته، أما إذا انساق نحو الفكر السلبي غير المبرر، فهذا قطعًا ينتج عنه الاكتئاب النفسي وعلل أخرى كثيرة.

ما تمرين به -أيتها الفاضلة الكريمة- من تغيرات نفسية، نسميه عدم القدرة على التوافق، ويعني أن الإنسان وجد نفسه في وضعية لم يتوافق معها حياتيًا، وحتى الأشياء الجميلة، والأشياء الحبيبة إلى النفس، بعض الناس لا يتحملونها، فأنت بالرغم من الوضع المثالي جدًّا الذي تعيشين فيه -مع الأخذ بالاعتبار أنك ابتعدت عن أهلك-، إلا أن هذا يمكن أن يكون السبب الأساسي الذي أدى إلى عدم القدرة على التكيف، مما أدى إلى ظهور هذه الأعراض النفسية التي تعانين منها.

العلاج –أيتها الفاضلة الكريمة– أولاً: أنت لست مريضة.

ثانيًا: يجب أن يكون لك إحساس قوي ويقيني أنك بخير وعلى خير، وأن النعم التي بين يديك حرم منها الكثير والكثير من الناس.

ثالثًا: عليك أن توجهي كل جهودك وطاقاتك وقواك النفسية والجسدية نحو الحمل، افرحي به، انشرحي له، وأمر الولادة -إن شاء الله تعالى- سهل جدًّا، والله تعالى سوف ييسره لك.

رابعًا: عليك بالدعاء، الدعاء هو مفتاح كل خير.

خامسًا: التواصل مع الأهل ليس بالصعب أبدًا، وأنت ما أتيت إلا لتكوني بجانب زوجك، والذي أتى بحثًا عن رزقه، والرزق -إن شاء الله- مكفول ومضمون، فما الذي يجعلك –أيتها الفاضلة الكريمة– تستائين لهذا الوضع؟ لا بد أن تسألي نفسك، وكم من الناس خرجوا من أهلهم ومن بيوتهم، وسكنوا في قرىً منقطعة بعيدين عن أهلهم، لكن تحملوا وعاشوا حياة طيبة، أنت -الحمد لله تعالى- تعيشين في مكة المكرمة، ماذا بعد هذا؟ لا تقبلي هذا الفكر السلبي اللعين، ارفضيه تمامًا، وفكري بصورة أفضل.

سادسًا: الولادة -إن شاء الله تعالى- سوف تكون ميسرة جدًّا لك، لا تحملي همًّا لذلك، عليك فقط بالمتابعة مع طبيبة النساء والولادة، وأنت بالفعل في هذه المرحلة محتاجة لرقابة طبية لصيقة.

سابعًا: إذا كان بالإمكان أن تحضر إليك والدتك في مكة المكرمة لتحضر الولادة، هذا سوف يكون شيئًا عظيمًا، فرصة لها أن تزور البلد الحرام، وفرصة لها أن تكون معكم، وأن ترى المولود الجديد -إن شاء الله- تعالى، أسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة.

ثامنًا: لا بد أن تكوني مساندة لزوجك، لا تشعريه بالضعف، لا تكوني أنت مشكلة بالنسبة له، حين تتأملين مسؤوليتك تجاه زوجك، سوف يخفف عليك كثيرًا، ويؤدي -إن شاء الله- إلى مقدرات جيدة نحو التوافق مع ذاتك.

تاسعًا: نظمي نومك، احرصي على أذكار وآداب النوم (277975)، لا تنامي في أثناء النهار، تجنبي تناول الشاي والقهوة، خاصة في فترات المساء.

عاشرًا: هنالك دواء بسيط جدًّا، يعرف باسم (فينيرجان Phenergan)، واسمه العلمي (بروميثازين
Promethazine)، هذا الدواء لا مانع من أن تتناوليه بجرعة عشرة مليجرام ليلاً، هو أصلاً يستعمل لعلاج الحساسية، لكن وجد أيضًا أنه يحسن النوم، وهو دواء لا يتعارض أبدًا مع الحمل، ولا يحتاج لوصفة طبية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً