الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر دائما بنقص الثقة.. ما نصيحتكم وتوجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أشعر دائما يا إخواني بنقص الثقة، وخاصة بالمدرسة، أشعر بنقص وأني أقل من الناس!

هذه الحالة الحمد لله خفت، وما أقدر أبدي الرأي، أو أشارك الحديث مع الآخرين، فأتمنى الإفادة، علما أني ذات مرة اكتشفت أن هناك شيئا اسمه ثقة، شاهدت مقطع الثقة بالنفس للدكتور طارق الحبيب، وزادت ثقتي لدرجة عالية جدا.

كنت يوما راجعة إلى البيت وسجدت لله شكرا على هذه الثقة, ولكن للأسف اهتزت وكانت مؤقتة، ولا أعلم سبب اهتزاز ثقتي؟! فحاولت بشتى الطرق اكتساب الثقة فقرأت كتابا لإبراهيمَ فقي، وشاهدت وسمعت، فتزداد الثقة وتنقص!

أذهب إلى المدرسة، وأدخل فأحس بنقص الثقة, وأراقب عيون الناس، وأخاف منهم ومن انتقاداتهم، ودائماً أفكر فيهم.

أنا إنسانة ذات طموح عال جدا، وتنقصني الثقة، فأي طريقة أكتسب بها الثقة وأتخلص من خوفي من الناس؟ أنا أعلم أنهم أتراب لكن أتوقع مواقفا منذ طفولتي أثرت علي.

الله يجزيكم خيرا، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على سؤالك هذا، ومن الواضح أنك تحبين حركة الفتح والمدّ، أو أن جهازك لا يكتب إلا هاتين الحركتين!

عدة جوانب في سؤالك وربما هي متصلة، وربما ما يجمع كل هذه الجوانب هو ثقتك بنفسك وتقديرك لها، وما يسمى "slefsteem" حيث من علامات نجاح الإنسان سواء في حياته الخاصة أو الأسرية أو في علاقاته الاجتماعية، وفي علاقته بنفسه، أن لديه قدرا جيدا لتقدير ذاته واحترامه لها.

يصاب تقدير الذات أحيانا بما يضعفه وينقصه، عندما يمرّ الإنسان بتجربة سلبية أو غير سعيدة، وكما ورد في سؤالك عن تأثيرات الطفولة التي مررت بها، ولكن يُقال: العيب ليس في أن يقع الإنسان، وإنما في أن لا يستطيع النهوض من كبوته هذه.

من الملاحظ من خلال سؤالك أنك في حالة نفسية لا تتذكرين معها في الغالب إلا الأمور السلبية، وهذا أيضا بسبب ضعف الثقة بالنفس هذا.

هل يمكن للإنسان أن يرفع درجة ثقته بنفس؟ الجواب نعم.

أريد منك وخلال الثلاثة الأسابيع القادمة أن تتقصدي تذكر الإيجابيات في حياتك، وأن تلاحظي الكثير منها، ولابد أن عندك منها الكثير، بالرغم من عدم تصديقك الآن لهذا بسبب الحالة النفسية التي أنت فيها.

يمكن أن أعدد من الإيجابيات على سبيل المثال، علاقتك الجيدة بالله تعالى وسجودك شكرا له، وأنك تتابعين دراستك المدرسية، وأنك ما زلت في سن الشباب، وكونك عندك أحلام وطموحات عالية.

إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، أو أننا كسالى أو أننا غير موفقين أو بلا إرادة، أو أننا ضعاف الثقة في أنفسنا! تأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا أو لنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا: إن عندنا خجلا أو ترددا أو ضعف الثقة في أنفسنا، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل، وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار المؤذية!

لابد لك، وقبل أي شيء آخر أن تبدئي بحب هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبليها كما هي، ولو كانت ضعيفة الثقة بنفسها، فإذا لم تتقبليها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!

مارسي عملك ودراستك بهمة ونشاط، ارعي نفسك بكل جوانبها وخاصة نمط الحياة، من صلاة وعلاقة مع الله والتغذية والنوم والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعطي نفسك بعض الوقت لتبدئي بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعرين بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.

يقول لنا الله تعالى "ولقد كرمنا بني آدم" فنحن مكرّمون عنده تعالى، وقد قال الله تعالى لنا هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف، وكما يقال "فاقد الشيء لا يعطيه" فكيف أطالب الآخرين بضرورة احترام نفسي وتقديرها إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها.

من الطبيعي أن يشكك الإنسان أحيانا في قدراته وخاصة في الثقة، فالثقة ليست شيئا مطلقا، وإنما شيء يمكن أن يزيد وينقص، وحتى عند نفس الشخص من وقت لآخر، فمثل هذه الشكوك طبيعية، وهي ستختفي تلقائيا مع الوقت، وخاصة إذا كنت تتبعين الخطوات السليمة.

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الأفكار من تلقاء نفسها، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبكين فيها أو تشعرين معها بضعف الثقة في النفس كما في نطاق الحديث مع الناس.

إذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض فقد يفيد الحديث مع الأخصائي النفسي في المدرسة، ممن يمكن أن يقدم لك بعض الخطوات المفيدة، وإن كنت أعتقد بأنك ستتمكنين من تدارك الأمر من نفسك.

أريدك أن تستيقظي غدا مع يوم جديد، وليكن صباح الغد هو صباح ولادتك من جديد متذكرة الفتوة التي كنت فيها في الماضي، فأنت أدرى الناس بها. ابدئي يومك بالصلاة، ومن ثم التواصل مع أسرتك، ومن بعدها الخروج للمدرسة أو أي عمل كنت ترغبين القيام به منذ مدة إلا أنك كنت تخافينه أو تؤجلينه، مهما كان هذا العمل كبيرا أو صغيرا، وهكذا تنبني ثقتنا بأنفسنا من خلال العمل والإنجاز، والنجاح ولو الصغير، يؤدي لنجاح أكبر منه، ككرة الثلج.

وفقك الله ويسر الخير لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • سوريا ريمة

    جوابكم رائع كما هو سؤال الأخت لامسني السؤال وأفادتني الاجابة , ربنا يجزيكم كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً