الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أكمل الثانوية بسبب الرهاب، ويحبطني عدم وجود هدف لحياتي.

السؤال

السلام عليكم

ﻻ أعلم كيف أبدأ، مشكلتي طويلة، أنا فتاة عمري 18 عاما، أنا أصغر إخوتي، والداي على قيد الحياة -ولله الحمد-، إخواني وأخواتي متزوجين، فقط بقي أخ واحد في الجامعة وعلاقتنا سطحية، وعلاقتي مع أبي رسمية جدا، مشكلتي بدأت منذ 5 سنوات تقريبا، أصابتني عين على دراستي، توقفت عند المتوسطة ولم أكمل الثانوية، تعالجت عند شيخ واستغرقت مدة العلاج 4 سنوات، -والحمد لله- تحسنت كثيرا وأعتبر نفسي شفيت، ولكن بقيت نفسيتي، أشعر بالنقص كثيرا لأنني لم أكمل دراستي.

وأنا حاولت بداية كل سنة أن أكمل دراستي، ولكن كنت كلما أذهب أبكي وأتضايق جدا، وأشعر بالخجل من الفتيات، كنت أشعر وكأنني في الصف الأول ابتدائي، ذات شعور الخوف والضياع، المهم أنني كنت أعاني كلما ذهبت إلى المدرسة فلم أكمل دراستي، وحاولت أن أكملها انتسابا ولم أستطع الذهاب أيام الاختبارات.

كنت أكره الاجتماعات والمناسبات ولكن تحسنت –الحمد لله-، ولكن الآن ثقتي بنفسي ضعيفة، وأرتبك وأتلعثم إذا ذهبت لمكان عام وكلمني أحد، لم أكن هكذا أبدا وأريد العودة كما كنت، أصبحت هكذا ﻻ أخالط الكثير، فقط احتكاكي مع أمي وﻻ نخرج من البيت كثيرا، أحيانا كثيرة أشعر بالوحدة لأن أخواتي الاثنتين متزوجات، ولأنه ليس لدي صديقات لأني ﻻ أدرس، وليس لدي هواية، وهذا يحبطني أكثر، حياتي روتينية مملة، وكلام الناس يجرحني جدا حين يتحدثون عن جلستي في البيت دون دراسة، وأتألم جدا إذا تحدثن البنات عن صديقاتهن ومواقفهن في المدرسة، أصبحت أحسدهن أحيانا وأنا ﻻ أريد أن أكون حسودة.

سجلت في معهد لمدة شهر ونصف، -والحمد لله- أخذت شهادة دورات، ولكن الأمر لم يكن ممتعا كثيرا، لأن الأستاذة كانت تقول: لماذا أنت هكذا هادئة وﻻ تشاركيننا؟ أشعرتني بالنقص أكثر، والآن ﻻ أعلم ماذا أفعل في حياتي؟ دائما أشعر أني أعيش بلا هدف وبلا مستقبل، كيف أتغلب على هذا الأمر وأستعيد ثقتي بنفسي؟ أكره شعور أني مهمشة إذا اجتمعت مع أقاربي.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sandra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت سردت بعض السلبيات في حياتك، ولكنك لم تتحدثي عن الإيجابيات، كنت أتمنى أيضًا أن تتذكري إيجابياتك، وأنا أعرف أنها كثيرة جدًّا، فأرجو أن تستعيدي شريط ذكرياتك وتنظرين إلى نفسك بصورة أكثر إيجابية، وسوف تكتشفين أنك صاحبة مقدرات كبيرة جدًّا، وهنالك أمور كثيرة يمكن تعديلها لتُصبح أكثر إيجابية.

بالنسبة لحالتك قطعًا أنت تعانين من قلق المخاوف، ومخاوفك ذات طابع اجتماعي، أي الرهبة الاجتماعية مما أدى إلى التلعثم والميل للانعزال وضعف التفاعل الاجتماعي.

لا نريد أن نبحث كثيرًا في الأسباب، لأننا في الطب النفسي قد لا نجد أسبابًا أصلاً، أو قد يكون هنالك مجرد تفاعلات من هنا وهناك أدت للحالة النفسية، قطعًا علاقتك بوالدك ربما تكون قد أثرت، وكذلك عدم التفاعل الأسري الصحيح أدى إلى شيء من الانعزالية والذواتية بالنسبة لك.

علاجك - أيتها الفاضلة الكريمة - يتمثل في أن تنظري إلى ما هو إيجابي وطيب وجميل في حياتك، وذلك من خلال تدارس الإيجابيات والسلبيات، وهذا التدارس وهذا التحليل سوف ينتهي بك إلى ما نسميه بمعرفة الذات، وبعد أن تعرفي ذاتك بصورة صحيحة ومنصفة يجب أن تفهميها ويجب أن تقبليها، ثم بعد ذلك تسعي لتطويرها.

نعم كنت أتمنى أن تواصلي تعليمك، ولازلت أتمنى ذلك، لأن العلم نور ولا شك في ذلك. البحث عن بدائل تعليمية أخرى مثل الدخول في مشروع لحفظ القرآن الكريم أراها أيضًا جيدة ومفيدة. بما أن إخوتك وأخواتك قد تزوجوا ما عدا أخ واحد فأعتقد أنه سيكون من الحكمة الرصينة أن تكوني أنت المحرك داخل البيت، أن تكوني صاحبة الهمة، أن تكوني شعلة متقدة، العناية بالوالدين، إدخال أفكار ومقترحات جديدة على الأسرة.

والماضي يجب ألا يمثل شائبة في تفكيرك، الماضي قد انتهى وهو خبرة وتجربة وليس أكثر من ذلك. لا بد أن توطدي من علاقاتك الاجتماعية مع الصالحات من الفتيات، وأنصحك أيضًا بممارسة الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وكذلك تمارين الاسترخاء (2136015)، وكلاهما مفيد.

ربما يكون أيضًا من الأفضل - بعد التشاور مع أسرتك الكريمة - أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف لفترة قصيرة، من أفضل الأدوية عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت) واسمه الآخر (لسترال)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) وهو يناسب مرحلتك العمرية جدًّا، والجرعة هي نصف حبة فقط – خمسة وعشرين مليجرامًا – يتم تناولها ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك تجعليها حبة كاملة لمدة شهرٍ آخر، ثم نصف حبة لمدة شهرٍ آخر، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقفي عن تناول الدواء. هذا مجرد مقترح وددت أن أذكره لك، لكن تشاورك مع أسرتك وكذلك مع أحد الأطباء أعتقد أنه سيكون مفيدًا جدًّا لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً