الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مررت بعدة أطوار، وأشعر بضيق وخوف، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ..

أنا شاب، عمري 26 سنة، تربيتُ في أسرة محافظة، كنت أعاني من قلق بسيط جدًا، وتضخيم للمشاكل منذ صغري، ولكنّ هذا الشيء لم يؤثر على مجرى حياتي أبدًا، وكانت الحياة جميلة، وكنت أقيم صلاتي، كنت مقصرًا في حق ربي، ولكني كنت أخاف الله، ولكن الظروف تغيرت بعدما انخرطت مع أصحاب -أسأل الله لهم الهداية-.

أصبحت شخصًا سيئًا، وأدمنت شرب الكحول لمدة 3 أشهر، وأيضًا قد قمت بتجربة ما يُسمى (بالويد) الحشيش، لمرّةٍ واحدة، وبعد مضي فترة ليست بالطويلة، كانت حالتي طبيعية تمامًا، وفي أحد الأيام إذا بكل شيء يتغير أمامي، شعرت بضيق وخوف غير طبيعي، لدرجة أني تمنيت الموت! وتذكرت أني أمضيت 3 أشهر من حياتي من غير صلاة -أسأل الله أن يغفر لي-، فتوجهت وصليت.

صمّمت من ذلك الوقت أن أتوقف عن شرب الكحول، وفعلًا توقفت عن شرب الكحول، وبعد فترة بسيطة صرت أفكر في حالتي النفسية، فأصبحت شخصًا قلقًا، وأخاف أن تعود هذه الحالة مرة أخرى، حتى أنني كنت أشعر أني سوف أموت! وبعد فترة لم تتجاوز 3 أشهر، عرض علي أحد أصحابي -هداه الله- تجربة شرب الحشيش مرة أخرى، وأخذته منه، ووجدت فيه الراحة غير الحقيقية، والهروب من الواقع الذي لا بد من مواجهته، حتى أصبحت شبهَ مدمنٍ لمدة 3 أشهر، وبعدها كنت خائفًا أن تنجرَّ رجلي إلى ما هو أعظم!

قرّرت العودة إلى ما كنت عليه من تحقيق لطموحي وأهدافي وخوفي من الله، وأن أترك هذه الصحبة الفاسدة -أسأل الله لهم الهداية-، فتركت تلك الصحبة، ولكنْ لم تزل تلك الأعراض تلازمني: من خوف شديد، وضعف، في الهمة، وتشاؤم، وأفكار سلبية دائما، مثل: أني قد أصاب بالجنون، والناس سوف تنظر إلي بنظرة شفقة، وسوف أصبح عالة على أهلي.

قررت الزواج، وتزوجت بفتاة تصغرني بحوالي 10 سنوات، ولم تكن تلك الفتاة هي التي أبحث عنها من ناحية الدين أو الخلق، وقلتُ في نفسي: لعل الله بعثها لي تعجيلًا بالعقوبة في الدينا؛ لما فعلت من معاصٍ؛ لأني أشعر أني قد تعلقتُ بها، ولكنّ هنالك شيئًا داخليًا يقول لي: اترك هذه الفتاة، ولكني لا أستطيع؛ لأني أشعر بشيء من الخوف، أو أني قد أحببتها إلى حد الجنون، فلا أستطيع تركها!

مع العلم أنها فعلًا لا تناسبني إطلاقا؛ حيث إني عندما لا تأتيني هذه المخاوف، تأتيني القوة للابتعاد عن تلك الفتاة، ولكني سرعان ما أضعف.

قمت بزيارة طبيب قبل 3 أشهر، أي قبل زواجي، وصرف لي دواء، وقال لي: إن فترة علاجي ستستغرق سنة، وأصبتُ بالإحباط؛ حيث إني كلما استخدمته زادت نسبة القلق والتفكير، فقررت أن أتوقف عن استخدامه.

وأتتني أيضًا وساوس: أني سوف تزداد حالتي سوءًا، وسوف أصاب بالجنون، أو سوف أصبح شخصًا غريب الأطوار!

أنا فعلًا في حيرة من أمري، أنا -ولله الحمد- تبت إلى الله، وأسأل الله أن يتقبل مني، وأن يثبتني على الحق، ويغفر ذنوبي وذنوبكم.

المشكلة: أن هذه الحالة ما زالت تأتيني من وقت لِآخر: ضيق، وحزن، ونظرة سلبية أو تشاؤمية، الحياة لا طعم لها، وأصبحت أعيش للناس، وليس لي، أحس أني أصبحت شخصًا عاطفيًا مع الجميع، حتى ولو كان هذا الشيء ضد مصلحتي، أو قد يجلب لي مضرة!

إضافة إلى ذلك، فإني أتحسّس من أي شيء يحدث، خصوصًا أني في السابق كنت أقرأ عن علم النفس، وعندي خلفية بسيطة عنه، وأصبحت أقيِّم الناس، وأيضًا دائمًا توقعاتي تصيب، وخصوصًا التوقعات السلبية أو التشاؤمية.

علمًا أن جميع الأعراض لم تتجاوز مدتها سنة، وأنا حديث عهد بزواج.

أرجوكم أن تدلوني على ما أفعل، نفع الله بكم، وجزاكم الله خيرًا، وعفواً على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

الحمد لله تعالى، أنك تخطيت مرحلة تعاطي الخمور، وكذلك (الويد) –أي الحشيش– والإنسان حين يخطو مثل هذه الخطوات الإيجابية، ويتوب ويرجع إلى ربه، لا بد أن يُكافئ نفسه من خلال بناء منظومة كاملة من المشاعر الإيجابية.

أخِي، إنجازك هذا ليس بالسهل، إنجاز كبير جدًّا، فيجب أن تُنصف نفسك، وتجعل هذه الإيجابية تعيش في وجدانك، وتسعى دائمًا نحو الدفع الإيجابي، وتعيش على الأمل والرجاء.

بالنسبة للفتاة التي تزوجتها –أخِي الكريم-: يجب أن تبني قناعاتك أنها زوجة صالحة، وتسعى لإصلاحها. الآن فرصة عظيمة جدًّا بالنسبة لك لتأخذَ بيدها، ومن أجمل الأشياء التي يجب أن يقوم بها الأزواج، هي صلاة النافلة معًا، أن تقرأ معها شيئًا من القرآن الكريم، هذه فرصة عظيمة لك، فلا تضيعها -أخِي الكريم–، وفي ذات الوقت، هذه الفتاة سوف تتحوّل حقيقةً إلى إنسان يكون متمازجًا معك، ويُلبي طموحاتك -إن شاءَ الله تعالى-، فانظر إليها هذه النظرة.

عليك –أخِي الكريم– أن تجتهد في دراستك، وأنت الآن طالب، وهذا يعني أنك طالب دراسات عُليا، ولا شك في ذلك، فاسعَ لتحصد أفضل المؤهلات، وأنت في بدايات سن الشباب، ولا شك أن طاقاتك موجودة، طاقاتك النفسية والجسدية والوجدانية، فانطلق، انطلق انطلاقات إيجابية في الحياة، ورتِّب أوراقك، -وإن شاء الله تعالى- أمورك تسير على خير.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت فعلاً محتاج لعلاج دوائي يساعدك، والآن هناك أدوية طيبة جدًّا، مفيدة جدًّا لإزالة التوترات والقلق والمخاوف، وحتى الضيقة التي تأتيك، هي جزء من القلق، وليس أكثر من ذلك.

عقار يعرف تجاريًا باسم (فافرين)، ويسمى علميًا باسم (فلوفكسمين)، ربما يكون الأنسب بالنسبة لك، و(الزولفت) قد يكون هو الدواء الأقوى والأفضل، لكن له عيبًا، وهو أنه ربما يؤدي إلى تأخر في القذف المنوي عند الجماع، وكذلك البعض يشتكي من ضعف جنسي بسيط، أما (الفافرين) فهو لا يُسبب أي ضعف.

جرعة (الفافرين) التي تحتاجها، هي خمسون مليجرامًا، تتناولها بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة –أي مائة مليجرام– تناولها لمدة أربعة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك ثقتك في استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً