السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بدايةً أود تقديم شكري وامتناني الشديدين لكل القائمين على الموقع، خاصة وأنكم تُخصصون جزءًا من وقتكم الثمين لقراءة هموم ومشاكل غيركم، وإيجاد الحلول لها بالرغم من مشاغلكم الدنيوية.
بصراحة لا أعلم من أين أبدأ؛ هي حالة وشعور يراودني منذ الصغر بعدم الانتماء لعائلتي؛ لا أشعر بالسعادة عندما أكون بينهم وعند اجتماعاتهم، أحب العزلة والوحدة.
وأحياناً أصاب بنوبة بكاءٍ كثيراً ما أشعر بالراحة بعدها، أحب كل ما هو حزين من موسيقى وأغاني ولوحات وشعر، وكأن الحزن أصبح جزءا لا يتجزأ مني، بل حتى في تقاطيع وجهي فنادراً ما أضحك، وإن ضحكت فالكل يعرف أنها مصطنعة مجاملة لمن حولي.
عمري الآن 21 عاماً، وما زلت على هذا النحو منذ طفولتي، فلا عجب إن ناداني البعض بالمعقد!
دائماً أحمّل أبي المسؤولية لكل ما يحصل لي، فهو عبوس الوجه، لا يبتسم مطلقاً، جافي المشاعر، ويرى الضرب الوسيلة المثلى للتربية، فلا ذكرى لي معه سوى العصا والسوط، وأنا هنا لا أبالغ، هذا واقعي منذ طفولتي.
كنت أقضي معظم فراغي بالدراسة بغرفتي، وأتجنب إثارة المشاكل حتى لا أعاقب ومع ذلك أعاقب، فلا فرق بين الجاني والضحية عنده، فالكل يجب أن يُعاقب.
تولّد لدي منذ صغري فراغ عاطفي كم تمنيت أن يزول عند الكبر، لكني أجده يتسع يوما بعد يوم!
أكرمني الله ودخلت كلية الطب، وتجاوزت السنة الأولى بدرجات ممتازة، ولكن حصل ما لم يكن بالحسبان بالثانية، فلا رغبة لي بالدراسة ولا بالحياة، ولا حتى بالخروج إلى المسجد، فلا أريد رؤية أحد أو أن يراني أحد آخر، تعثرت بمعظم مواد السنة وحذفتها أملاً في تقليل الخسائر والعودة هذا العام من جديد.
قررت حينها زيارة طبيب نفسي بمدينتي والذي شخص حالتي بالاكتئاب، وأعطاني سيبرام 10 مليجرام ( إن لم تخني الذاكرة ) حبة يوميا قبل النوم، طبعا استخدمت الدواء لفترة وقطعت زيارتي له لأني لم أرتح صراحة لأسئلته، كنت أراه يخوض ويغوص بأعماقي التي لا أريد لأحد أن يراها أو أن يكشف ما بخاطري، ولا تطلبوا مني العودة إليه!
بدأت السنة الحالية والوضع ما زال كما هو، فلا رغبة بالدراسة، ولا بالدوام، ولا أخفيكم أنني فكرت بالانتحار لكن؛ لولا إيماني الكلي بحرمته، وبأن جسدي ليس ملكي وما أنا إلا مؤتمن عليه، قررت أن أصون الأمانة قدر المستطاع، فما الحل برأيكم؟ كيف أتخلص من هذا الحزن؟ ومن هذا الفراغ؟ أشعر أنني ما زلت طفلا بجسد شاب نبت الشعر بشاربه وذقنه.
يومي كاملاً أقضيه بالحزن والوحدة، تملأ رأسي الأفكار السوداوية للحياة، مللت الوضع، أريد أن أحب الحياة فهل لي بذلك؟