الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إفراطي في الخوف من المرض والموت جعل حياتي جحيمًا لا يطاق، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نشكر لكم سعة صدركم، وجزاكم الله خيرًا.

سيدي، أنا رجل في الثالثة والأربعين من عمري، أعاني منذ ما يقارب من 23 سنة من مخاوف المرض والموت، وخاصة مرض السرطان وأمراض القلب، في السنوات الأولى ذهبت إلى عدة أطباء في جميع التخصصات، لدرجة أنني ظللت لفترة كبيرة كل يوم أذهب إلى طبيب! وكانت الإجابة المعتادة: أنني سليم عضويًا، وكنت بعد مقابلة الطبيب أرتاح جدًا، ثم تعاودني تلك النوبات والأحاسيس بعد أيام قليلة.

ظللت هكذا، حتى زهدت في زيارة الطبيب، واعتمدت على ذهاب الحالة تلقائيًا، وعودتها مرة أخرى، حتى دمّر هذا الإحساس حياتي، و أفقدني فرصًا كبيرة جدًا في حياتي العملية والاجتماعية.

بمجرد أن تأتيني هذه الحالة تسودّ الدنيا في وجهي، وأشعر أن حياتي ضاعت هباء، لقد مللت وتعبت جدًا، وأصبحت عصبيًا جدًا مع أسرتي، وعندي يأس كبير في المستقبل.

في كل مرة أقول لنفسي: إنني أعاني كل مرة من هذه الحالة، وبفضل الله لم أمرض، ولم أمت، فلماذا الخوف إذًا؟! ويأتي دائمًا الرد من داخلي: وما أدراك، ربما يكون هذه المرة! وهكذا، حتى أنني صرت لا أجد طعمًا للحياة.

أرجو أن تساعدوني في حل هذه المشكلة، وهل أصبحت داء مزمنًا أم ماذا؟! لقد مللت!

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قلق المخاوف أصبح منتشرًا في زماننا هذا، خاصة الخوف من الأمراض، حيث إنها كثرت، والطب قد تقدم، ووسائل الفحص أصبحت تُظهر الأمراض بصورة أكثر وضوحًا، ووسائل الفحص أيضًا قد عقَّدت الأمور أكثر مما يجب، وفي ذات الوقت موت الفجأة قد كثر، وهذا جعل الناس تعيش شيئًا من الهموم حول صحتها.

الأمر الآخر –أخي الكريم–: كثيرًا ما يهمل الإنسان صحته، وتكون طريقة حياته ليست صحيَّة وليست سليمة، وهذا قطعًا يؤدي أيضًا إلى مخاوف مرَضية، وفي ذات الوقت ضعف التواصل الاجتماعي، وضعف الأداء في محيط العمل أو الدراسة كثيرًا ما يؤدي إلى الانشغال حول الصحة الجسدية.

عمومًا: حالتك هذه معروفة جدًّا، والبعض يُسميها بالمراء المرضي، ويلعب العامل النفسي فيها دورًا كبيرًا.

العلاج –أخِي الكريم-:

أولاً: أن تحرص على الصلاة في وقتها، وخاصة الأذكار والدعاء، والأدعية الحافظة والمُفرِّجة للكرب مفيدة ومفيدة جدًّا، بشرط أن تكون متيقنًا بها، وتحسن الظن في الله.

ثانيًا: أن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب منك النوم المبكر، ممارسة الرياضة، الحرص على عباداتك، الحرص على التواصل الاجتماعي، تطوير الذات من خلال حسن إدارة الوقت، وعدم ترك مجالاً للفراغ الذهني أو الزمني، وأن تكون لك أهداف واضحة في هذه الحياة، وتضع الآليات التي توصلك إليها، مع الاهتمام بالصحة الغذائية؛ فهذه أسس عامة جدًّا لأن تزيل الخوف والرهاب عن الإنسان.

ثالثًا: اجعل لنفسك تواصلاً مع طبيبٍ تثق به، حتى لا تتنقل بين الأطباء، وتزور الطبيب مرة كل ثلاثة أشهر مثلاً من أجل إجراء فحوصات عامة، هذا -إن شاء الله تعالى- يُطمئنك كثيرًا.

في ذات الوقت سيكون من الأفضل لك أن تتناول أحد مضادات المراء المرضي، ومعظمها من مضادات الاكتئاب، ومنها: عقار يعرف تجاريًا باسم ( مودابكس Moodapex)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، يضاف إليه جرعة صغيرة من عقار يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride)، فهذا سيكون مفيدًا.

جرعة (المودابكس) هي خمسة وعشرين مليجرامًا –أي نصف حبة–، تبدأ في تناولها ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبة كاملة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

بالنسبة (للدوجماتيل): الجرعة هي كبسولة واحدة (خمسون مليجرامًا) لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً