الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما أصلي لا أستشعر قربي من الله وصلاتي بلا خشوع

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خير الجزاء أيها الإخوة الأفاضل.

مشكلتي: أني كنت تاركا للصلاة، وبدأت أصلي منذ شهر تقريبا، إلا أني كلما صليت لا أستشعر بقرب من الله، وصلاتي بلا روح وبلا خشوع، وأصبحت لا أستشعر وجود الله، فماذا أفعل؟ فأنا خائف أن أموت وأنا لست على ملة التوحيد، لست ملحدا ولكني لا أعرف كيف أستشعر وجود الله والقرب منه.

أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا –أيهَا الأخ الحبيبُ– في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الإيمان الصادق والعمل الصالح، نشكر لك اهتمامك بأمر دينك، وشعورك بالتقصير والذنب، وهذا -بإذن الله تعالى- بداية الإصلاح والتغيير، ووصيتنا لك –أيهَا الحبيبُ– ألا تيأس من رحمة الله تعالى، وألا تقنط من فضله وعطائه، فإنه أهلٌ لكل جميل، وهو القائل سبحانه في الحديث القدسي: (أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظن بي ما شاء).

فحسن الظن بالله ومعرفة الله تعالى المعرفة الحقَّة بأسمائه وصفاته، هذه المعرفة من شأنها أن تغرس في القلب محبة الله تعالى، والطمع في فضله، والرغبة في التقرب منه وحسن عبادته.

وما سبق من ذنوبك –أيهَا الحبيبُ– وإن كانت عظيمة كترك الصلاة، فإن التوبة الصادقة تجُبُّها وتمحوها، فإن الله تعالى يقول في كتابه الكريم: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، والنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

فاحرص –بارك الله فيك– على التقرَّب من الله تعالى بسلوك الطريق الذي شرعه وبيَّنه للقرب منه، وذلك بأن تُجاهد نفسك على أداء الفرائض، فتفعل ما أمر الله بفعله، وتجتنب ما نهى الله تعالى عنه، ومع هذا تُكثر من النوافل ما استطعت، وتُجاهد نفسك وتُصبِّرها على التزام هذه النوافل والإكثار منها، وهي في أول الأمر قد تكون شاقة على النفس، ولكنها بعد مجاهدة النفس والصبر عليها تستعذبها النفس، فتجد أُنسها وراحتها في ذكر الله تعالى وطاعته.

وهذا الطريق قد بيَّنه الله، إذ يقول في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُه عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه).

فهذا هو الطريق، وعلى المرء أن يُجاهد نفسه على سلوكه والثبات عليه، والله سبحانه وتعالى قد وعد، ووعده لا يتخلَّف، بأن من جاهد نفسه من أجل الله هداه الله ووفَّقه وثبَّته، فقال سبحانه: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

وما يعتريك من مخاوف من كونك تموت ولست على ملة التوحيد: لا تلتفت إلى هذه المخاوف، أعني لا تجعل هذه المخاوف تتسلط عليك لتُيَأسك من رحمة الله وتحول بينك وبين طاعة الله، وإلا فإن الخوف من سوء العاقبة أمرٌ محمود ينبغي أن يكون مرافقًا للإنسان، لكن بالقدر الذي يدفعه للعمل الصالح والاستزادة منه، والشعور بالفقر إلى الله، والاضطرار إليه والانطراح بين يديه تذللاً وعُبوديَةً وافتقارًا، فهذا القدر من الخوف محمودٌ مطلوب، أما إذا كان الخوف يدفع الإنسان نحو اليأس والقنوط فإن هذا الخوف مصدره الشيطان الذي يريد أن يُدخل الحزن إلى قلب المؤمن، كما قال الله تبارك وتعالى: {إنما النجوى من الشيطان ليحزُن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئًا}.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

خير ما نوصيك به بعد تقوى الله تعالى: التزام الرفقة الصالحة، والإكثار من مجالسة الناس الطيبين، فإنهم خير من يعينك على الثبات على طريق الطاعة.

نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر مايا

    جراك الله خيرا وبارك فيك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً