الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سخرية من حولي وكرههم لي أدت إلى اعتزالي الناس.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 18 سنة، طالب في الثانوية العامة، وأعاني من الانطوائية منذ ثلاث سنوات، وكل يوم تزداد عن اليوم الذي قبله، ليس لدي أصدقاء أبدًا في الواقع وفي شبكات التواصل الاجتماعي، ولا يمكنني تكوين صداقات، حاولت أكثر من مرة وفشلت، فقررت اعتزال ذلك.

لا أحد من عائلتي أو أقاربي يحبني، والدتي هي الشخص الوحيد الذي يحبني، والكل يتحدثون معي لتلبية خدماتهم، طالما أنني أساعدهم وأقوم بما يريدون، فلا بأس، ولكن عندما أرفض مساعدتهم، يكرهونني ويرفضونني تمامًا.

جميع الأشخاص الذين قابلتهم لم يحبوني أبدًا، وكانوا دائمًا يسخرون مني، لا أعرف لماذا؟ بحثت عن أي سبب ولم أتمكن من العثور على سبب واضح، حتى عندما ذهبت إلى النادي مع فريقي، لم أجد أحدًا يحبني، حتى أقاربي مثل: خالي، عمي، وعمتي، دائمًا يسخرون مني بسبب الانطوائية التي أعاني منها، لدرجة أنهم جعلوني أكرههم، أصبحت أرفض التعامل معهم، والتواجد في أي مكان يتواجدون فيه.

حاولت الخروج من حالتي ولم أتمكن، وعندما بحثت على الإنترنت، وجدت أنه من الصعب الخروج من هذه الحالة، وأنه سيكون من الصعب تقبل شخصيتي الجديدة، حاولت التفاعل مع الناس، لكنني فشلت بكل الطرق، حتى في الدروس، لا أجلس مع أحد، دائمًا أجلس وحدي ولا أشارك في شيء، حتى ظن الناس أنني متكبر عليهم، وهذا ليس صحيحًا.

طلبت من والدتي أن أذهب إلى طبيب نفسي، وقال لي: إنه من الصعب تغييرك، لكن من الممكن تطوير المهارات الاجتماعية، كتب لي دواء فيلوزاك، ولكنني لم أستمر عليه لأنني لم أجد منه أي فائدة، أيضًا أنا لا أتعامل مع الجنس الآخر منذ فترة طويلة جدًا، حتى مع أقاربي من البنات، ولا أشاركهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا على مواقع التواصل الاجتماعي شخصية مجهولة تراقب كل شيء.

مشكلتي مع الجنس الآخر بدأت عندما كنت في المرحلة الابتدائية، كان جميع الناس يحبونني، لكن حدثت مشكلة حيث كسرت مفصل يد زميلتي في المدرسة، وكانت في حالة سيئة في ذلك اليوم، وتم استدعائي من قبل المدير، وقال لي: إنني يجب ألا أتعامل مع أي شخص بعدها، منذ تلك اللحظة، ابتعدت عني المدرسة كلها، ورفضوا التعامل معي، وقال لي البعض: إنك فاشل في التعامل مع البنات.

وبعد فترة كسرت أسنان ابنة عمي، ثم تسببت بكسر لأختي الصغيرة، بعدها قال لي الجميع: إنني لن أنجح في التعامل مع البنات، ومنذ ذلك الحين، ابتعدت عنهن تمامًا، والجميع يستغرب مني.

المشكلة أنني أتحدث مع نفسي بطريقة غير عادية، أطرح أسئلة وأجيب عنها، وأتحاور كما لو أن شخصًا آخر جالس أمامي، أشعر براحة نفسية بعد أن أتحدث، وأحيانًا أعد مع نفسي في الليل وأبكي لأنني أشعر أنني فاشل اجتماعيًا، هل هناك حل لهذه المشكلة؟

أعتذر للإطالة، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ kareem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا، وأنت لم تطل؛ لأننا بحاجة لمعرفة كل هذه التفاصيل، أعانك الله، وخفف عنك هذه الحال.

لا شك أن طريقة تربيتك وتجارب الطفولة قد أوصلتك للحال التي أنت عليها، فما أنت عليه ليس بخلل أو عيب في شخصيتك، وإنما هي الظروف وتعامل الناس معك، هو الذي أوصلك لهذا.

هل من سبيل للتغيير والخروج من كل هذا؟
نعم ذلك ممكن، ليس سهلاً أو سريعًا، إلا أنه ممكن، ولديك عدة اختيارات.

الأول: أن تحاول مع نفسك، وخاصة من خلال ثلاثة أمور:
1- أن تبدأ بتقبل نفسك هذه التي بين جنبيك، وتبدأ بحبها، فإذا أنت لم تتقبلها ولم تحبها، فكيف للآخرين أن يفعلوا هذا؟
2- أن تغيّر نظرتك للآخرين من أنهم يكرهونك، فلماذا أنت تفترض هذا مع جميع الناس من حولك، ومن يدري بهذا، -الله أعلم- بنياتهم، فأقبل على الناس بالمحبة والقبول.
3- أن تبدأ بالتواصل مع الناس، ولا تتجنبهم، فالتجنب لا يحسّن الأمر، بل على العكس يزيد من عزلتك، ويزيد من مشاعرك السلبية، أقبل على الناس من خلال الأنشطة المختلفة، وتحدث معهم، فالإنسان مخلوق اجتماعي، خلق ليعيش ويتفاعل مع الآخرين، وما أظنك إلا أنك تريد الوصول لهذا، فكيف تصل إذا لم تقبل على الآخرين؟!

وإذا حاولت فعل كل ذلك ولم تشعر بالنجاح المطلوب، فالخيار الثاني أن تراجع أخصائيًا نفسيًا، وليس بالضرورة طبيبًا نفسيًا، حيث سيحاول الأخصائي النفسي التعرف أكثر إلى تفاصيل شخصيتك وحياتك، وسيضع معك خطة عملية للتغيير، خطوة خطوة، وسيتابع معك هذا، من أجل اكتساب وتنمية بعض المهارات الاجتماعية، ورفع ثقتك بنفس.

وفي حال احتجت للدواء النفسي، فيمكن للأخصائي النفسي أن يرشد لهذا عن طريق أحد الأطباء النفسيين.

وفقك الله، ويسّر لك السبيل، -وإن شاء الله- نسمع أخبارك الطيبة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً