الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعيدة عن الله وعن حياتي العلمية، فهل السبب تعلق قلبي بحب رجل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أتمنى أن تساعدوني في الذي أعانيه، وجزاكم الله الجنة.

أنا بنت بعمر 17 سنة، طالبة في السنة الأخيرة في الثانوية، وهذه السنة مهمة جداً، ولكن لا أستطيع أن أذاكر، ولا أهتم بوقتي، أريد حلًا لهذا الشيء، حاولت مرارًا وتكرارًا أن أنظم وقتي ولا أستطيع.

قلبي معلق بشخص أحببته جدًا فلا أستطيع الاستغناء عنه، وأتألم منه كثيرًا، ولكن برغم ذلك هو يحثني على النهج الصحيح، كالصلاة، وبر الوالدين، والأعمال الصالحة، وجميع أوقاتي معه ولا أستطيع تركه، ولكني لا أستطيع الصلاة! حاولت أكثر من مرة أن أصلي، وإن صليت أصلي صلاتين في اليوم، ولا أستطيع أن أصلي باقي الصلوات.

أنا أخاف كثيرًا، وأعلم أن عقابي عند الله كبير، ولكنني لا أستطيع أبدًا، في كل مرة أحاول وأفشل بهذا الشيء، بالرغم من أني متيقنة من عقاب تارك الصلاة، ولكن هناك شيء يبعدني عن الصلاة ويقنعني بعدم أدائها، فلا أستطيع الصلاة، وأكمل يومي دونها.

أنا أمر بفترة صعبة، وأريد أن يكون أحد بجانبي؛ لأن هناك ظروفاً عائلية ودراسية، ولكن لا أحد يقف بجانبي، أبكي بشدة دائمًا قبل النوم، أرى حياة صديقاتي لا تشبه حياتي، فحياتهم منظمة وأفضل من حياتي، وأتألم عندما أراهم يفرحون وأنا لا أعرف معنى للراحة.

عندما أقول بأن هذه المحبة سبب في بعدي عن الله لا أستطيع تصديق هذا؛ لأنني أخاف الله، وأدعو لنفسي بالهداية، وأبكي رهبة وخوفًا من الله، أريد أن أصلي ولكن لا أستطيع، لا أستطيع فعل شيء، لا الصلاة، ولا المذاكرة، ومعاملتي مع أهلي مختلفة، لا أستطيع تحمل الكلمة منهم، وأنفر منهم كثيرًا، لا أعلم لماذا؟

علمًا بأني أصبت بالقولون العصبي، وأعاني منه كثيرًا، وأرى أن كل حياتي معاناة، لا أستطيع أن أرتاح ولا أن أطمئن فيها، أرى الجميع أفضل مني وأنا الناقصة بينهم، والكثير من المعاناة لم أذكرها.

ساعدوني، جزاكم الله خيرا، أريد حلًا لأستعيد حياتي، وأعيش باطمئنان وراحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك مع موقع الاستشارات في إسلام ويب.

نسأل الله أن يتولاك بحفظه، وأما نصحنا لك فيكمن في الآتي:

أنت فتاة في مقتبل العمر، وفي هذا السن يحصل تغير كبير في نفسية الفتاة؛ لأنها تحولت من سن الطفولة إلى سن الشباب والحيوية والنشاط؛ ولذلك تحب الفتاة في هذا السن أن تثبت كمال أنوثتها، فهذا السن وما فيه من تغيير هو السن التي يحدد فيها مستقبل الفتاة، فإن كانت صالحة فستكون بقية حياتها كذلك، وإن سقطت في مهاوي الانحراف والحب والعلاقة مع شاب أجنبي فقد يخشى عليها أن تظل كذلك في بقية حياتها.

مما يمكن أن ننصحك به مراقبة الله والخوف منه، والإكثار من ذكر الله تعالى، والاستغفار، والمحافظة على الصلاة في وقتها مهما كانت الظروف، وإذا فاتت عليك صلاة فتوبي إلى الله تعالى واقضيها، ومما يعينك على ذلك: سماع ما يدفعك إلى الطاعة والقرب من الله من مقاطع مؤثرة ومحاضرات نافعة، والدعاء والتضرع أن يرزقك الله حبه وحب كل عمل يبلغك حبه -ومن أحب الأعمال إلى الله الصلاة-، والتعرف على الصالحات من أخواتك المسلمات، والمشاركة في الدورات العلمية؛ فبالعلم يرزق الإنسان خشية الله والقرب منه، واستشعار نعم الله عليك بالتفكير في سمعك وبصرك وجسدك وما أنعم الله عليك من نعم كثيرة؛ مما يدفعك إلى الحياء من الله أن تعصيه وتقطعي الحبل المددود بينك وبينه وهو الصلاة، في حين أنه ينعم عليك ليلاً ونهاراً باستمرار هذه النعم التي ذكرناها من سمع وبصر وغيرهما.

أختي الكريمة: أنت الآن طالبة في الثانوية كما قلت، فالدراسة هي الأمر الثاني في الأهمية بعد المحافظة على التدين، فاهتمي بدراستك، وتحصيلك العلمي والتفوق فيه، ولا ينبغي صرف الوقت في غير الاهتمام بالعبادة والدراسة والتحصيل، وفكري في نتيجتي الدراسة التي ستكون لك: إما المتميزة في فنها وتخصصها، والسعيدة بتفوقها، والتي ملأت قلب والديها وأهلها فرحاً؛ وهذا سيدفعك الآن إلى الاهتمام بدراستك وتحصيلك، وإما النتيجة الثانية -لا قدر الله- عكس التميز، تأملي كيف سيكون حالك ونظرتك لنفسك؛ وهذا بدوره أيضاً سيدفعك الآن إلى الاستيقاظ من غفلتك، والنهوض من وضعك الذي لا ترضينه الآن لنفسك، كما هو واضح من استشارتك.

أما ما ذكرت من العلاقة مع ذلك الشاب فهذه علاقة محفوفة بالمخاطر، والفتاة في مثل سنك قد تخدع بالحب والغرام، والكلمات المعسولة، وبعض الشباب يبدأ مشوار إيقاع الفتاة في الغرام به بنصحها وكأنه داعية إلى الله، وفي الحقيقة لو كان يريد نصحها فعلًا كما يزعم لجعل من قريباته من النساء من تتواصل معها، لا أن يتواصل ويجلس معها بنفسه، فاحذري، وحتى لو كان محقاً يا ابنتي في نصحه فهذا الشاب جاهل بخطوات الشيطان وألاعيبه، لأن هذه الأمور من خطوات الشيطان؛ حيث يدخل على العبد من مدخل الطاعة، ومع الأيام يجره قليلاً قليلاً إلى ما يريده من ضلال وهلاك.

ما يقال عنه مما يحدث بين الفتيان والفتيات من دعوى الحب فهذا إنما هو من مداخل الشيطان للوقوع فيما يغضب الله، ولعل ما تعانين منه من اضطراب وقلق عقوبة من الله، سببها هي هذه العلاقة، فإذا أردت سعادة واستقرارًا نفسيًا وحياة طبيعية عليك لزامًا الابتعاد عن هذا الشاب وعدم التواصل به؛ لأنه رجل أجنبي ولا يجوز شرعًا أن تبقى العلاقة معه بأي شكل من الأشكال، واهتمي بما ذكرت لك آنفًا العبادة والدراسة.

إذا فعلت ما ذكرت لك فأبشري بخير -بعون الله تعالى-.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً